لماذا لم يكن فكرمالك بن نبي واسع الانتشار؟

عدد القراءات :2634

كان والدي يقول دائما لوالدتي: “سأعود بعد ثلاثين سنة وسيفهمني الناس !”(1).. هكذا قالت رحمة، أصغر بنات المفكر الجزائري الفذ مالك بن نبي رحمه الله، الذي احتار أهل الفكر والذكر في وصفه حتى تعدد نعتهم له فهو: “مهندس الحضارة “، و” طبيب الحضارة “، و” فيلسوف الحضارة “، و” فقيه الحضارة “، و”ابن خلدون القرن العشرين”….
بالفعل يتعاقب الليل والنهار وتمضي ثلاثون سنة على رحيل مالك بن نبي، بالتمام والكمال، وتحتفل بلاده الجزائر رسمياً لأول مرة بذكرى وفاته، ويَعقد له المجلس الإسلامي الأعلى ندوة دولية بعنوان “مالك بن نبي .. فكره وأعماله” أيام 18-19 – 20 من شهر أكتوبر سنة 2003م، تحت الرعاية السامية للسيد رئيس الجمهورية الذي أرسل بالمناسبة كلمة قيمة تلاها نيابة عنه أحد مستشاريه الدكتور محمود بوعياد.
قد تخطر ببال بعض المهتمين بقضايا النهضة عامة وفكر مالك بن نبي خاصة تساؤلات مشروعة عن الأسباب التي حالت دون الانتشار الواسع لأفكاره في الماضي، وهل يعود ذلك لأسباب موضوعية أم هي نتيجة منطقية لعمل منهجي مقصود؟ وما هي الحقيقة في كل ذلك؟.
نحاول في هذا المقال المتواضع إلقاء بعض الأضواء الهادية للإجابة عن التساؤلات المثارة آنفاً.
من خلال تتبعنا لحياة مالك بن نبي – رحمه الله – الحافلة بالعطاء الفكري الحضاري المتميز وغير المسبوق في العالم الإسلامي والمشحونة كذلك، للأسف الشديد، بمضايقات المخابر الفكرية الاستعمارية التي كانت تلاحقه في كل حين وآن! ثم التهميش الذي لاقاه من بعض بني وطنه وكذلك سوء التقدير لمنزلته ورجاحة أفكاره من بعض رموز الدعوة الإسلامية آنذاك، يمكننا القول أن قلة انتشار فكره في الزمن الماضي يعود إلى جملة من الاعتبارات نرصدها فيما يلي بشيء من التفصيل:

لغة الكتابة
أول ما يتبادر إلى الذهن أن من الأسباب التي حدت من انتشار فكر مالك بن نبي أنه مكتوب باللغة الفرنسية، وهذا صحيح إلى حد ما، ذلك لأن مالك كتب في فرنسا، بدءً من سنة 1946م، أولى كتبه باللغة الفرنسية التي كان يمتلك ناصيتها حتى أنه أضاف إليها كلمات جديدة مثل (Colonisabilité) “القابلية للاستعمار”، و (Choséisme) “الشيئية”..
لا شك أن اللغة المستعملة في كتابة (الظاهرة القرآنية)، الموجهة للمثقفين بالفرنسية في زمن الاستعمار، كانت هي اللغة المناسبة. لكن الأسلوب الراقي الذي حرر به مالك كتبه جعل القارئ لها يجد صعوبة بالغة للوصول إلى كُنه أفكاره العميقة وغير المسبوقة آنذاك، خاصة إذا علمنا أن المتمكنين من لغة فولتير(Voltaire) وهيقو(Hugo) في العالم العربي والإسلامي كانوا قلة قليلة .
لكن هذا السبب الموضوعي ، في تقديري، زال تدريجياً بعدما قرر مالك سنة 1956م مغادرة فرنسا والذهاب إلى مصر أين أشرف بنفسه على ترجمة كتبه إلى لغة الضاد فاسحاً بذلك المجال لكتبه أن تشق طريقها إلى عقول الشباب العربي.
لكن هل بزوال العائق اللغوي تزول معه أسباب محدودية انتشار فكره؟، أم أن هناك أسباب أخرى أعمق اعترضت سبيل الانتشار الواسع؟، فما هي يا تُرى؟.

فكر عميق وأسلوب علمي غير مألوفين
يمكن القول أن من معوقات انتشار فكرمالك بن نبي على نطاق واسع هي:
1- أن الأسلوب الذي أعتمده مالك في كتاباته كان أسلوباً تحليليا علميا، قائم على المنهجية العلمية السائدة في البحث العلمي غير المألوفة في المقالات الأدبية الشائعة بعد عصور الانحطاط على وجه خاص، كما قال لي تلميذه أ.د. محمد سعيد مولاي.
2- أن الأفكار التي طرحها آنذاك كانت عميقة وغير مألوفة حتى لدى النخب الفكرية مما جعل البعض ينبهر بها ويعترف بعمقها.
يقول الكاتب المصري الشهير إحسان عبد القدوس (1919م-1990م) في مقال له، صدر سنة 1956م في روز اليوسف، بعنوان “الاستعمار في نفوسنا ”: ” لقد استجمعت عقلي وسمعي لأتابع الأفكار الجديدة لهذا الكاتب الجزائري فإذا به يغوص في الأعماق ويدعني أطفو على السطح ومع ذلك فإني قد أستطيع أن ألخص أفكار الرجل: فهو يرى أن العالم العربي ظل يحارب الاستعمار عشرات السنين لكنه أغفل قابليته هو للاستعمار، كان يجب عليه أن يحارب تلك القابلية التي هي المرض الحقيقي، أما الاستعمار فهو عرض وعلامة لذلك المرض” (2).
إن مفهوم “القابلية للاستعمار” المشهور الذي طرحه مالك بن نبي لأول مرة سنة 1948م في كتابه (شروط النهضة)، والذي يقصد به: “ جملة أوضاع وشروط فكرية ونفسية واجتماعية وسياسية سلبية، تضع المجتمع في حالة من الضعف والقصور والعجز إزاء التحديات المحيطة به، فيجد نفسه في حالة وهن حضاري يُفقده القدرة على رد التحديات ويخضع لها مكرهاً ”(3) ، كان مفهوماً جديداً غير مألوف أحدث “انقلاباً كوبرنيكياً”، على حد تعبير محمد شاويش، لدى المفكرين والسياسيين على حد سواء!.
كان السائد آنذاك أن كل المصائب التي نزلت بالعالم العربي والإسلامي مردها إلى الاستعمار أولاً وآخراً!، فإذا بمالك بن نبي “يُقلب” المفاهيم رأساً على عقب! ويوجه أصابع الاتهام إلى أنفسنا أولاً- مصداقاً لقوله تعالى (قل هو من عند أنفسكم) [آل عمران:165]- ثم إلى الاستعمار ثانيةً!.
يقول المفكر سعيد جودت: ” كنا غارقين في العداء للاستعمار وكراهية الاستعمار وتحميله لكل المصائب التي نعانيها، فجاء هذا الرجل وطرح تصوراً آخر للمشكلات وسماه بمصطلح “القابلية للاستعمار” حيث كان المصطلح المقابل هو “الاستعمار” والاحتلال الذي شغل الناس كلهم وأنا لما أطلعت على كتابه (شروط النهضة) لم أفهم جيداً أبعاد أفكاره ولكنه أطلعني على تفسير مخالف لما هو دارج وبما أنني مرتبط بالقرآن فلم أستغرب فكرة الأستاذ مالك وإن كان جديداً علي كل الجدة الأسلوب الذي يبحث به المشكلات”(4).
لكن، رغم الصدى الكبير الذي أحدثه مفهوم ” القابلية للاستعمار” لدى بعض النخب الفكرية والسياسية ، فإن هناك ، للأسف الشديد، من فسر هذا المفهوم الجديد ، على عكس ما أراده مالك بن نبي، بأنه يحمل في طياته تشجيعاً للاستعمار وتبرراً له! مما قلص قليلاً من انتشار فكر مالك.
وفي كلمة الرئيس التي أشرنا إليها سابقاً إشارة واضحة إلى أن أفكار مالك بن نبي لم تُفهم أو لم تُقبل!. جاء فيها ما يلي: “ولم يكن، في تحليله الصارم للوضعية المنحطة للعالم الإسلامي، يرجعها لأسباب خارجية، بل حمل الأخطاء لعوامل داخلية، راغباً من ذلك التحفيز على التمعن في الذات والنقد الذاتي لاكتشاف نقائصنا، وهذا ما أدى به إلى صياغة مفهوم “القابلية للاستعمار”، الذي استقطب نقد الجميع لأن الأفكار التي بنى عليها وحملها لم تُفهم أو لم تُقبل”(5).
ورغم ما وُجه لمالك بن نبي من نقد لمفهومه “القابلية للاستعمار”، فان مواقفه – رحمه الله- من الاستعمار معروفة تنضح بها مؤلفاته ولا تحتاج منا، في هذا المقال، المزيد من الإيضاح أو الدفاع!.

فكر سابق لأوانه
لا شك أن من الأسباب الرئيسة لكون فكر مالك بن نبي لم ينتشر بشكل واسع بل كان مُهمَشاً من قبل التيارات السائدة آنذاك هو أنه فكر سابق لأوانه جاء بنظرية جديدة للحضارة بناء على المنظور السنني الشامل الذي كان يتبناه وأسس لفكر إسلامي جديد، كما تشير إليه خاتمة كلمة رئيس الجمهورية المُشار إليها آنفاً والتي جاء فيها: “لقد كرس بن نبي كل حياته في التفكير والكتابة والنشاط في خدمة المصالح المعنوية والمادية للدول الإسلامية، وعَينُه دائماً تنظر إلى “المستقبل البعيد”. لقد وضع، إلى حد كبير، أسس فكر إسلامي جديد يساير تطور العالم ويعي الرهانات الدولية. لكن فكره كان ولا شك سابقاً لأوانه، فوجد نفسه مهمشاً من قبل التيارات السائدة، إلا أن الأحداث أكدت ما ذهب إليه في نظريته، وأكدت تحليلاته. أما اليوم، فالجامعات والمفكرون بحاجة إلى اكتشاف هذا المفكر من جديد لاستقاء أفكار تساعدهم على الإلمام بدور الإسلام، وتحديد إسهامه في بناء العالم “المعولم” الذي تنبأ به قبل خمسين عاماً “(6).
فلا غرابة إذن من الإعراض الناس عن فكر سابق لأوانه!. فقليل من الناس فقط من يصبر على دراسة فكر يستشرف المستقبل ويخطط له كما هو حال فكر مالك بن نبي رحمه الله.

مالك بن نبي وسيد قطب
ومن بين الأسباب التي جعلت بعض الشباب المسلم يزهد في قراءة كتب مالك بن نبي ما كتبه سيد قطب – رحمه الله – رداً على تعليق مالك بن نبي عليه لما أراد نشر كتابه بعنوان (نحو مجتمع إسلامي متحضر) ثم تراجع عنه واختار عنوان (نحو مجتمع إسلامي).
لندع د.محمد العبدة يحدثنا عن هذا السبب بشيء من التفصيل. يقول العبدة: “ولمالك مشكلة خاصة في انصراف بعض الشباب المسلم عن قراءة إنتاجه الفكري، وهي إحدى الأسباب وليست السبب الوحيد على كل حال ؛ فقد كتب سيد قطب رحمه الله: ” قد كنت أعلنت مرة عن كتاب لي تحت الطبع بعنوان (نحو مجتمع إسلامي متحضر) ثم عدت في الإعلان التالي عنه فحذفت كلمة (متحضر)، ولفت هذا التعديل نظر كاتب جزائري (يكتب بالفرنسية) ففسره على أنه ناشئ عن (عملية دفاع نفسية داخلية عن الإسلام) وأسف لأن هذه العملية – غير الواعية – تحرمني مواجهة المشكلة على حقيقتها.أنا أعذر هذا الكاتب… لقد كنت مثله من قبل… كانت المشكلة عندي – كما عنده اليوم- هي مشكلة (تعريف الحضارة).. ثم انجلت الصورة: (المجتمع المسلم) هو (المجتمع المتحضر) “(7).
ويعلق العبدة على هذه “المشكلة” قائلا:” وفهم الشباب المسلم أن هذا الكاتب الجزائري واقع تحت ضغط آتٍ من مصادر أجنبية، فكان ذلك سبباً لابتعادهم عن قراءة فكر مالك، ولكن القضية هي قضية مصطلحات ؛ فمالك يتكلم عن المجتمع الإسلامي الموجود وأنه يحتاج إلى رفعه إلى مستوى الحضارة حتى يستأنف دوره – وطبعا لا يعني هنا الحضارة الغربية وإنما الحضارة بتعريفه هو – وسيد يتكلم عن المجتمع الإسلامي المنشود وأنه إذا وُجد فثَم الحضارة، والإسلام هو الوحيد الذي ينتج حضارة متكاملة “(8).
ثم يضيف العبدة : ” إن ظاهرة انصراف بعض الناس عن فكر معين – بسبب كلمة تقال من عالم مشهور- ليست جديدة ولا غريبة، فعندما ترجم أحد العلماء للمؤرخ ابن خلدون ؛ تكلم فيه وانتقد عليه بعض التصرفات الشخصية عنده، فكان ذلك من أسباب إعراض الناس عن (المقدمة) التي تعتبر أعظم ما أنتجه المسلمون في علم الاجتماع وفن النقد التاريخي.”(9)

مخابر الصراع الفكري
إن المشروع الحضاري الذي صاغه مالك بن نبي من أجل أن تنهض الأمة الإسلامية من كبوتها التي طال أمدها وتسترجع دورها الريادي في العالم، لا يمكن أن يمر دون أن توضع في طريقه العقبات من قبل مخابر الصراع الفكري حتى لا ينتشر على أوسع نطاق ولا يؤدي دوره في تحرير العباد والبلاد من الاستعمار بمختلف أشكاله ولا يساهم في البناء الحضاري الجديد.
لقد كان مالك بن نبي مدركا تمام الإدراك أن “المخابر المختصة” لن تترك كتبه تشق طريقها دون أن تقف في وجهها، مما جعله يؤكد على ذلك لما أرادت دار الفكر، في سنة 1969م، أن تعيد طبع كتبه، فكتب حينها قائلاً: “يجدر بي، في الوقت الذي يشرع فيه إعادة طبع مجموعة كتبي، أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى أن الصراع الفكري ما احتد في العالم مثلما يحتد اليوم. بحيث أنني لا أتصور أن هذه الأفكار، المضمنة سلسلة مشكلات الحضارة، تشق طريقها بكل هدوء في هذه اللحظة الخطيرة، دون أن تقف في وجهها أجهزة مختصة لتجري عليها العمليات التي صورتها، تصوراً غير كاف، في كتاب “الصراع الفكري” في مناسبة معينة من هذا الصراع، وأنا يومئذ لاجئ سياسي بالقاهرة..”(10).
في الواقع، تعود معاناة مالك مع “مخابر الصراع الفكري” الاستعمارية التي كان يقف وراءها لويس ماسينيون ( Louis Massignon) إلى سنة 1932م، لما بدأ نجم مالك يسطع في أوساط طلبة شمال إفريقيا بعد محاضرته “لماذا نحن عرب؟” الناجحة التي ألقاها في جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا الحديثة النشأة بباريس، ووصفه حينها رئيسها محمد الفاسي بأنه “منظر وحدة شمال إفريقيا”(11).
ونظراً لذكائه ونشاطه ضد الاستعمار يصبح ملك “شخصاً يجب أن يخضع للرقابة”(12)، وهكذا تبدأ معاناته مع لويس ماسينيون وشبكته التي تمنعه من الحصول على شهادة مهندس، وهو يومئذ من ألمع الطلبة في دفعته، حين يُمنع من إجراء الامتحان التطبيقي الضروري لتخرجه مهندساً من المدرسة العليا للميكانيك والكهرباء بسبب اعتذار المؤسسات والمصالح التي يمكن التطبيق فيها. كما يُنقل فجأة ومن غير مبرر، والده من منصبه الذي كان يشغله منذ 22 سنة في البلدية المختلطة لتبسة إلى بلدية أريس البعيدة عنها عقاباً له على نشاط ابنه مالك(13).
وهكذا تتوالى المضايقات عليه وعلى أسرته وتُسد في وجهه كل الأبواب أثناء بحثه عن عمل في فرنسا وغيرها من الدول الإسلامية والأوروبية التي اتصل بها بعد أن أنهى دراسته الجامعية.
إن الذي ذكرناه آنفاً من معاناة مالك، بسبب أفكاره ونشاطه ضد الاستعمار، مع لويس ماسينيون وشبكته غيض من فيض المعاناة والمؤامرات والكيد التي واجهها هو وأسرته والتي دونها في كتابه (العفن) الذي يغطي الفترة الممتدة من 1932م إلى 1940م.
وتكشف رحمة، ابنة مالك بن نبي، أن والدها ” كان مضطهداً من طرف أيادي خفية أو ما كان يسميه والدي “مسيو إيكس” (Monsieur X)، لأنه لم يكن من هواة توجيه الاتهامات المجانية، كان صابرا ومحتسبا، فرغم حجم المعاناة التي عرفها والدي، إلا أنه لم يكن من هواة الجري وراء المناصب، لقد عرضت عليه العديد منها فرفضها حتى أنه اعتذر عن قبول منصب في حكومة غي مولي الفرنسية، لكنه حوصر فكريا حتى آخر أيام حياته. وقزم دوره في وطنه، وهو الذي بُعثت ماليزيا على فكره باعتراف الخبراء هناك في أول ملتقى عن فكره عام 1992م. والدي لم يترك مثلا منصبه في الجامعة لما كان مديراً للتعليم العالي، لكنه أُقيل من منصبه وبرغم ذلك رفض أن يستعمل سائق الجامعة بعد أن تمت تنحيته من المنصب، رغم أنه كان في وسعه أن يفعل ذلك، كان يقول لوالدتي لما احتجت عليه “مثلك مثل الشعب استعملي النقل العمومي” (14).

خاتمـــــة
هذه، في تقديري، بعض الأسباب الرئيسة التي حالت دون الانتشار الواسع لفكر مالك بن نبي في الماضي، ومنها ،كما بيناه في هذا المقال، ما هو مرتبط بطبيعة الأفكار التي طرحها مالك لكونها عميقة وغير مألوفة وسابقة لأوانها ولأسلوبه العلمي غير المعهود، ومنها ما هو عائد إلى مخابر الصراع الفكري بالإضافة إلى تأثير ما قاله سيد قطب رحمه الله عن مالك دون أن ننسى كذلك الموقف السلبي لبعض بني وطنه من مفهوم “القابلية للاستعمار”.
لكن اليوم، بقاء الحال من المحال!، وجل الأسباب التي ذكرناها زالت وها هو فكر مالك يعود من جديد، كما تنبأ هو بذلك حين قال “سأعود بعد ثلاثين سنة وسيفهمني الناس!”.
إن فكر مالك يحظى اليوم باهتمام كبير من طرف الأوساط الجامعية حتى غدا موضوعاً للعديد من الرسائل الجامعية من ماجستير ودكتوراه داخل وخارج وطنه وصار فكراً عالمياً يُدرس في بعض جامعات العالم، كما عُقدت له ملتقيات دولية آخرها الملتقى الدولي الذي نظمته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بمدينة تلمسان أيام 12 – 13 – 14 ديسمبر 2011م.
لكن يبقى السؤال المطروح اليوم هو: هل المشروع الحضاري الذي أفنى مالك بن نبي كل حياته في إعداده ما زال صالحاً اليوم وقادراً على تلبية آمال وطموحات الشعوب العربية التي عبرت عنها خلال “ربيعها” أم تجاوزه الزمن وعفا عنه ؟. هذا ما سنحاول الإجابة عنه في مقال لاحق بحول الله تعالى.

هوامــــــش
(1) – رحمة بن نبي، حوار أجرته معها جريدة الشروق اليومي الجزائرية، 4/8/2010م.
(2) – محمد شاويش، مالك بن نبي والاستعمار- في نقد قراءة شائعة، مقال الكتروني، 15/07/2011م.
(3) – الطيب برغوث، حركة تجديد الأمة على خط الفعالية الاجتماعية، دار قرطبة، الجزائر،2004م. ص35.
(4) – جودت سعيد، مالك بن نبي والقابلية للاستعمار، مجلة المجلة، مقال الكتروني، 10/02/2009م.
(5) – المجلس الإسلامي الأعلى، مالك بن نبي .. فكره وأعماله. أعمال الملتقى الدولي 18-19-20 أكتوبر 2003م، الجزائر. ص 15.
(6) – المرجع السابق. ص 17.
(7) – محمد العبدة، قراءة في فكر مالك بن نبي – الحلقة الأولى-. ، مجلة البيان ـ العدد ‌14، صفر 1409 / أكتوبر 1988م.
(8) – المرجع السابق.
(9) – المرجع السابق.
(10) – مالك بن نبي، شروط النهضة، دار الفكر، بيروت، 1969م، ص: ظهر الغلاف.
(11) – مالك بن نبي، العفن، الجزء الأول 1932م-1940م، دار الأمة، الجزائر، 2007م. ص28- بتصرف-
(12) – المرجع السابق. ص30.
(13) – المرجع السابق. ص39- بتصرف-
(14) – رحمة بن نبي، حوار أجرته معها جريدة الشروق اليومي الجزائرية، 4/8/2010م.

Comments (0)
Add Comment