الأفكار السياسية عند مالك بن نبي

عدد القراءات :4960

أبوزيد المقرئ الإدريسي
نائب برلماني ومفكر إسلامي- المغرب

مدخل:
بدأ الإحساس بانحطاط المسلمين وتخلفهم مبكرا جدا، قبل ابن خلدون بحوالي ثلاثة قرون على الأقل، وذلك مع الماوردي والغزالي والطرطوشي. وقد قدم مفكرو الإسلام حلولا مختلفة وأشكالا للخروج من الحالة المتردية، تراوحت بين البسط العلمي الشمولي المخطط لصلاح الدين والدنيا كما عند الماوردي، إلى التنظير العلمي الدقيق العميق لفلسفة التحولات الاجتماعية والسياسية وضبط قوانينها وسننها كما عند ابن خلدون، و إن كان الوقت آنذاك قد فات. وبين الوقوع في عقلية الأزمة أثناء التفكير في الأزمة والإحساس بالإحباط واليأس تحت وطأة مفارقة الفاجعة والانهيار السريع لبناء عظيم هو حضارة الإسلام، غذته أحاديث الفتن وفساد آخر الزمان. فقدم الطرطوشي والغزالي طرقا فردية هروبية للخلاص، اختزلت الأزمة عندهم في التغيير الفردي والتزكية الصوفية.
أما جماهير الأمة فكانت تنزلق إلى عالم التشاؤم والجبرية والتواكل والجهل، وغطيط أحلام المهدي المنتظر. ووقفت الأمة عند شفير هاوية الانحطاط، حين فقدت القدرة الحضارية، رغم توارثها لبعض مظاهر التمكن الحضاري، التي شرعت تفقدها بدورها شيئا فشيئا. إلى أن لاحت نذر الاستعمار الحديث مع صدمة نابليون، ودهشة الطهطاوي. آنذاك تحركت الفئة الواعية من العلماء والساسة، وشرعت تقدم مشاريع حلول يطبعها النقص والاجتزاء والقصور عن رؤية واضحة لعمق المشكل وتشعباته، إذ كانت تُبَسّطُه أحيانا، مختزلة إياه إلى جانب صغير من جوانب التغيير، وتنحصر به أحيانا إلى علة فوقية لا واقعية ولا فاعلة. فكانت هذه الحلول-في الأغلب- جزءا من التخلف الداخلي الذي أصاب الأمة عموما.
ولما انتقلت الأمة إلى مرحلة النضج، وبدأ الوعي الإسلامي يتضح نسبيا، في اتجاه فهم شمولية المشكلة وتعقد الظاهرة، طرحت أفكار جريئة مثل: الجامعة الإسلامية لجمال الدين الأفغاني، والفكرة الإفريقية الآسيوية لمالك بن نبي وغيرها. سوى أنها بقيت أفكارا تفتقد للإجرائية والخطوات الواقعية، إلى أن ظهرت “مدرسة إعادة تشكيل العقل المسلم”، من حسن البنا إلى حسن الترابي، مرورا بمجموعة من المفكرين انفتحوا على الغرب وأعادوا قراءة التراث، فبدأوا يقربون عقل الأمة قليلا نحو أمل التغيير مع ألم الوعي.
واستطاعت بموازاة ذلك بعض الحركات الإسلامية الراشدة، تحقيق تقدم ملموس في معركة التقدم المادي والتكنولوجي في بعض الدول، رغم حداثة التجربة وقصر مداها الضيق.
في هذا السياق تبلور فكر مالك بن نبي، مُشَكّلا خلفيةً لإعادة تشكيل وعي الحركة الإسلامية، ومن جهة أخرى لاستعادة طرح سؤال النهضة في الخطاب النهضوي المعاصر، من منظور مركب، مفاده:”إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته”. كما كان يقول دائما رحمه الله.
والآن، والأمة تعيش منعطفها الجديد، مع بوادر الربيع العربي المبارك، فهي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مثل هذه التنظيرات الناضجة والمبكرة، لتجعلها أرضية الانطلاق إلى تنزيل مشاريع نهوض حضاري جديدة متطورة وملائمة للعصر، تجعلها مركبا للسيادة والاستقلال واستعادة المبادرة، بفضل هذه الفرصة النادرة التي قدم فيها شباب الأمة دماءهم وأرواحهم، جنبا إلى جنب مع فكر ومداد العلماء المجددين، من أمثال مالك بن نبي، من أجل النهضة في ظل السيادة، وصولا إلى الريادة.

سؤال السياسة عند مالك بن نبي :
لماذا نجح فاكلاف هافل المثقف، في إنقاذ وطنه تشيكوسلوفاكيا في لحظة حاسمة ولم يوفق محمد خاتمي المثقف، في إنفاذ جزء يسير من مشروعه الفكري طيلة عشر سنوات قضاها وزيرا للثقافة وختمها باستقالة احتجاجية، ثم طيلة ثمان سنوات قضاها رئيسا لإيران؟
لعل الجواب عن هذا السؤال يفسر ولو جزئيا سر انصراف رجل مثل مالك بن نبي عن السياسة ممارسةً مباشرة، أو تخصصا أكاديميا، إلى العمل الفكري عبر بناء المشاريع الثقافية وطرح مشكلات الحضارة والثقافة.
إن رجلا مثل مالك بن نبي أو عبد الوهاب المسيري أو محمد عابد الجابري يمكنه أن يعطي للأمة من موقع المثقف، ما لا يستطيع أن يعطيه وزراء الثقافة العرب مجتمعين عبر سياسات محدودة وفاشلة. وبالمثل فإن رجالا مثل عبد الحميد بن باديس وعلال الفاسي ويوسف القرضاوي، يستطيع أن يعطي كل واحد منهم، للأمة في مجاله ما لا نحلم أن يعطيه وزراء الشؤون الإسلامية للعالم الإسلامي مجتمعين. والسر للأسف الشديد في أن السياسة لم يستقم شأنها بعد عندنا، لأنه لم يستقم بعد شأن الفكر. ولعل هذا ما فطنت إليه عبقرية مالك بن نبي، فآثر ألا يشتغل بوجهي السياسة الأكاديمي أو التنفيذي، وانصرف إلى إصلاح أعطاب العقل والفكر وبناء مشاريع النهوض الثقافي، وعيا منه بأن السياسة الصحيحة تتأسس على الفكر السليم. ومن هنا كان اشتغاله بالأفكار السياسية الكبرى التي تؤسس لرؤية سياسية ناجعة، يمكن أن تترجم، إن وجدت رجال سياسة أكفاء، إلى مشاريع نهضة حقيقية. لقد أشّر مالك بن نبي، على هذه الإشكالية، بتحليل عميق ودقيق، فما أروع قوله:”إن صناعة(بالمعنى الخلدوني) السياسة تعني، إلى حد كبير، تغيير الإطار الثقافي في اتجاه ينمي تنمية متناغمة، عبقرية أمة، ومن هنا فصناعة السياسة تعني في آخر المطاف، صناعة الثقافة.(…) وعلاقة السياسة بالثقافة تمر حتما بهذا الثالوث، بحيث إذا فكرنا في الثقافة في بلد من العالم الثالث، وجب علينا أن نفكر في اللحظة نفسها بالقوى غير الواعية التي تمثل اللاثقافة، والقوى الواعية التي تمثل ما ضد الثقافة وكلا القوتين تبدوان كقوة مشتركة تعمل في المحيط الاجتماعي1.
أليس حريا بنا، بعد هذا البيان، أن نحيي روح المفكر الكبير مالك بن نبي رحمه الله، حين اشتغل عن السياسة بالثقافة، من أجل السياسة. وبذلك انصرف مباشرة إلى مكمن الداء، ليعالج جذريا أعمق الاختلالات في العالم الإسلامي، وأكثرها إعاقة للنهوض. وهي ليست بالأساس سياسية بالمعنى الضيق للكلمة، بل هي في العمق ثقافية بامتياز. وهي الحقيقة التي غفل عنها جهابذة المثقفين الذين انجذبوا إلى إغراء السياسة انجذاب الفراشة إلى النار، فما أصلحوا شيئا مما حلموا به، ولا أبقوا على منتوجهم الفكري ومصداقيتهم لدى الأمة. هل يكون مالك بن نبي أعمق فكرا من ابن خلدون الشاب، الذي جذبته رياح السياسة إلى مغامرة فاشلة، كادت تحرمنا من أعظم عقل أنتجه زمانه، واستضاءت به من بعده أزمنة إلى اليوم؟!
والجميل في تعابير ابن نبي الدقيقة، أنها تتحدث بنوع من الإصرار، على أن هذا المشكل قائم بالتحديد في العالم الثالث الذي يعاني من التبعية ومن آثار الاستعمار الإجرامية والمستدامة. ومصداق هذه النظرة النافذة، أن الوضع في العالم المتقدم بخلاف ذلك قطعا، فالسياسي عندهم ينبني على المعرفي، ويؤطره الثقافي. في حين تبنى السياسة في العالم الثالث على المزاجية والفردية والمصلحة الضيقة، بل إن روادها في الغالب من المصابين بداء ما أسماه ابن نبي ب”القابلية للاستعمار”، تلك الآفة التي وسمها، وهو يتحدث عن الاستعمار بقوله:”أما قرينته الشمطاء-القابلية للاستعمار- فحصتها الدناءة والسفالة والنجاسة والخبث والخيانة2.

الأفكار السياسية عند مالك بن نبي:
أشرنا إلى أن مالك بن نبي، لم يشتغل بالسياسية أكاديميا ولم يمارسها عمليا، بل نظر إليها من زاوية التغيير الحضاري والعمق الفلسفي والبعد الفكري المجرد. ونكتفي في هذا الصدد بالإشارة إلى أهم أفكاره السياسية، مستعرضين بعض النماذج التي تؤشر على توجهه الفكري المتميز في معالجة القضايا السياسية. منها أفكار من إبداعه، نحت لها مفاهيم خاصة، كفكرة الأفروآسيوية وفكرة كومنولويث إسلامي ومفهوم القابلية للاستعمار. ومنها أفكار متداولة، أعطاها أبعادا ومضامين خاصة، كمفاهيم الديمقراطية والثورة والاستعمار.
وسنكتفي باستعراض سريع لمثال واحد من كلا المجموعتين، حتى نأخذ فكرة أولية عن القاموس المصطلحي السياسي الذي وضعه مالك بن نبي، وأسس به رؤيته السياسية التي تخترق مجمل أعماله الفكرية.

أولا: فكرة الإفريقية الآسيوية:
رغم أن هذه الفكرة لم تنطلق من تنظير فلسفي أو أفق مجرد، ولكنها وليدة حراك سياسي حي في الميدان كان أبطاله ثلاثة زعماء مشهورون هم: عبد الناصر ونهرو وسوكارنو، وتوجت بعقد مؤتمر باندونج سنة 1956، فإن التقاط مالك بن نبي لهذه القضية، وتحويلها إلى مشروع سياسي كبير، وتخصيص أحد أهم كتبه بالكامل لها، لم يخرج به عن نهجه العام في البناء الفكري، والتزام رسالة النهوض الحضاري التي نذر نفسه لها.
لم يتناول ابن نبي هذه الفكرة، ولا هذا المؤتمر، من منظور السياسة بمعناها الضيق، بصفتها متابعة للشأن العام اليومي والتفصيلي، ولم يشغل نفسه بتفاصيل التحالفات، وحساب الربح والخسارة، وموقع كل طرف من الأطراف في هذه الكتلة التي برزت في خمسينيات القرن الماضي في مواجهة دهاقنة الاستعمار، ولكنه فضل-وفاء لخطه الفكري ومشروعه الحضاري-أن يتناولها من زاوية تأسيسية، يمارس فيها تخصصه في البناء الثقافي والحضاري للأمة خصوصا وللعالم الثالث عموما.
وكدليل على ما نذهب إليه، فإن ما استغرق الرجل في هذا الموضوع هو محوران رئيسان: الأسس الأخلاقية للفكرة، وبعدها الثقافي. ينضاف إلى ذلك نفوره من الشخصنة التي تهبط بما هو سياسي، إلى الدرك الذي قضى عمره ينافح دون أن يقع فيه، ومن أجل أن ترتفع الأمة عنه. ولهذا لم يفته وهو يشير إلى استشهاده ببعض الشخصيات، إلى أن ينبهنا قائلا:”لجأ المؤلف…إلى تصريحات لبعض المسؤولين، وإلى شخصيات سياسية…لتدعيم موضوعات فكرة الإفريقية الأسيوية. ومع ذلك فهو لم يعمد إلى ربط هذه الموضوعات بالأشخاص، وإنما بالأفكار وحدها….وفكرة الإفريقية الأسيوية…تمثل- بالنسبة لجزء من الإنسانية- قاعدة للانطلاق نحو تقرير مصيره3
أ‌- الإطار الصحيح لفكرة الأفروآسيوية
يضع مالك بن نبي الفكرة في إطارها الطبيعي بالنسبة إليه، فهي لا تتعلق بأحلاف أو توازنات أو صراع سياسي فقط، بل هي أكبر من ذلك، نهوض العالم الكبير الواسع المستعبد، المهضوم الحقوق، كي يطالب بحقوقه الأساسية. يقول:
“وبرغم هذا، فإن نظرة الغرب قد بدأت تلحظ قوى غير أوروبية تقف في ساحة التاريخ، فقد برزت المشاكل الحقيقية، أو قل الموضوعات الجوهرية مع العاصفة الأخيرة في الضمير الإنساني، وفي حلبة السياسة الدولية، أبرزتها الحرب العالمية الثانية حين هب ثلاثة أرباع الإنسانية يطالبون للمرة الأولى منذ قرنين بحقهم في الحرية وفي العمل وفي الخبز4.
ويرى هذا المنعطف-كما كان يرجوه-ثورة للعالم الثالث على كل النظم الاقتصادية والسياسية والثقافية المهينة:
” إن مؤتمر باندونج كان قطعا في نظر المختصين بالسياسة العالمية، أخطر ظاهرة برزت في “العالم الثالث” بعد الحرب العالمية الثانية. الظاهرة التي كانت تحمل في طياتها الصواعق والبراكين التي كان يخشى المستر جون فوستر دلاس، حتى قبره، عواقبها بالنسبة إلى كل المخططات التي رسمت من أجل تسيير العالم، كما سار خصوصا في البلاد العربية. (…) ثورة للعالم الثالث على النظم الاقتصادية والسياسية والثقافية التي وضعت في القرن التاسع عشر لتسييره، طبقا لمصالح عليا معينة5.
ولعله من أجل هذا الأفق الرفيع الذي رجا أن ترقى إليه الفكرة، تسبب في صدم الحس العاطفي لدى مسلمي الهند، حين اتخذ موقفا رافضا بشدة لانفصال باكستان عن الهند، خشية تكسير حلف طنجة-جاكرتا لصالح حلف واشنطن-موسكو، فأغضب بذلك الموقف، أتباع محمد إقبال وأبي الأعلى المودودي رحمهما الله. ولعل هذا ما جر عليه النقد العنيف لغازي توبة وعبد السلام ياسين6. بل لقد أمعن مالك بن نبي في تفاؤله المستقبلي مع حذره من التعويل على مكسب عاجل من الفكرة، لحظة بروزها، فقال مستشرفا أفق نصف قرن، مستندا في هذا الاستشراف، على أحد المراقبين الغربيين: “وقد ترك أحد المراقبين الغربيين لمؤرخ سنة 2000 مهمة القول، بأن: “مؤتمر باندونغ لم يحقق أي نتيجة عاجلة، ولكنه كان مجمعا للقوى التي خطت الطريق لتطور التاريخ، وشكلت العالم الذي نعيش فيه اليوم7.
ب‌- الوعي بالبعد الثقافي للفكرة:
وهنا مربط الفرس، في الاتجاه الفكري عند الرجل، فهو لا يعول على مشروع سياسي مفقر ثقافيا، ولا يمل من تكرار أن التغيير السياسي، يبقى تغييرا محدودا، مجرد تغيير أشخاص، إذا لم يرفد بالتغيير الفكري المنشود، ولهذا لم يجد ما يفسر به فشل فكرة الأفروآسيوية، بعد خمسة عشر عاما من انطلاقتها، سوى هذه الزاوية: “مؤتمر باندونغ سنة 1955…قد جمعا فعلا كل شروط ثورة العالم الثالث، إلا شرطا واحدا وهو شرط إطلاق الشرارة الفكرية الضروية لإضرامها8
من أجل هذا البعد الضائع، الذي قضى عمره يؤسسه ويبنيه، وأحيانا يندبه، قال في الطبعة الثانية من الكتاب الذي خصصه لفكرة الأفروآسيوية، وبمرارة ملحوظة وقسوة جارحة، في حق من بادروا إلى تأسيس مؤتمر باندونغ ورأسوه، وذلك بعد 15 عاما على انعقاد المؤتمر، إن:”لفكرة …قتلت في المهد، وقتلتها جاهلون…. 91971
ج- الأسس الأخلاقية للفكرة:
يلح مالك بن نبي على استحضار الأسس الأخلاقية لحلف المظلومين، في مواجهة الظالمين، إنه لا يرى وجها لمواجهة القوة إلا بالأخلاق. من أجل هذا رأى في المؤتمر معالم دستور أخلاقي دولي، مثالي، دون أن يفقد واقعيته السياسية المطلوبة:” دستور أخلاقي دولي… كانت باندونغ أولا الثمرة” الأفروآسيوية ” لهذا الدستور الذي تبهرنا دون شك”مثاليته” السامية، بينما يلزمنا أن نعترف في خاتمة الحساب بأنه يضع السياسة”الواقعية” الخالصة. السياسة التي تدرك غاياتها ووسائلها10.”
وحين يشدد بالمقابل، على نقد الخيارات الغربية، ويشرح سياسات الأقوياء، فإنه يركز أساسا على افتقادها للأخلاق، وارتكازها على رعونة القوة المادية القاهرة:”سياسة غير مثمرة- لأنها مجافية للأخلاق- تقود حتما إلى حرب مجافية للأخلاق، وبالتالي غير مثمرة، وهذه تؤول مرة أخرى إلى سياسة ترى أن الخطأ أقبح من الجريمة على ما ذهب إليه مفسرها الأعظم تاليران11
ويشرح ما يقصده بمجافاة الأخلاق، مُشَّرِّحا بنية التفكير الأناني في المركزية الغربية المتسلطة، فيكشف بحس نقدي أخلاقي رفيع، أن آفة هذه المركزية، ليس في إنكارها لقيم الحرية والسلام والعمل، بل في احتكارها لهذه القيم دون الآخرين:”أن الأزمة تتصل بتفسير المشاكل أكثر من اتصالها بطبيعة هذه المشاكل. فهي ليست أزمة في الوسائل، وإنما في الأفكار. وينبغي على أي سياسة- لكي تكون فعالة، أن تكيف وسائلها تبعا لبعض المفاهيم الإنسانية. ولكن أوروبا التي استطاعت خلال قرنين من الزمان أن تتحكم في موارد العالم كله، قد وضعت هذه الموارد تحت تصرف النظام الأوروبي فحسب، محتكرة بذلك- من أجل فائدتها- الحرية والسلام والعمل، فلقد أحدثت في العالم المتحضر تفرقة بين الأخلاق والسياسة12
ويخلص مالك بن نبي إلى حكم صريح لا مواربة فيه، على ما أسماه العجز الأخلاقي الغربي:”وإذا كانت عبقرية الغرب قد أنشأت بنفسها أحد العناصر التي حتمت الاتجاه المنطلق للتاريخ، فلم تدعه يرجع إلى الوراء، فإن هذه العبقرية قد برهنت على أنها لا تستطيع أن تكفي نفسها بنفسها، وبرهنت الأحداث الدولية الحالية على عجزها الأخلاقي عن أن تحتل مكان القيادة في العالم. إذ لكي تتحمل أعباء هذه القيادة لابد من سلطة أخلاقية، ودفعة روحية مما لا وجود له في هذه العبقرية الصناعية، ولا في مبادئها ولا في توجيهها13. إنه تحليل لا يرقى إلى مستواه، إلا شاهد قرن آخر، لكنه هذه المرة، شاهد من أهلها، يتكلم نفس اللغة، ويستعمل نفس المفردات، إنه روجيه جارودي(شفاه الله).
د- العلو الذي ينظر منه للفكرة :
لعل أحد أسباب خيبة الأمل المرة التي جناها الرجل من مؤتمر باندونغ، أنه نظَّر لهذا المشروع من علو مرتفع جدا، راجيا أن يكون بديلا حقيقيا للإطار الذي فرضه صناع عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولهذا لم يتردد أن يهدي كتابه، المخصص للفكرة، إلى: “الشعوب المكافحة في سبيل الحرية والسلام”!!
وهو علو اعترف السياسيون صراحة، بأنهم لا يرتقون إليه، وما بمستطاعهم ذلك أبدا، نظرا لارتهان سياساتهم الضيقة، لحسابات أخرى غير حسابات الرجل، فها هو رئيس الجمهورية العربية المتحدة14، وهو يكتب مقدمة الطبعة الأولى من الكتاب، يصرح قائلا:”أحسست بالعجز، مما جعلني أحس بالرهبة، وأشعر بالتردد كلما أوغلت في قراءة المؤلف سطرا بعد سطر15
فالرجل يريد مواجهة شاملة مع العالم المتحضر، وبديلا كاملا لسياساته المدمرة لشعوب المنطقة، ويصف هذه السياسات، بما هي عليه بدون مواربة، لعل البديل يكون في مستوى المسؤولية المنشود: “العالم المتحضر الذي لم يعدل أفكاره المجلوبة من “العالم المستعمر” لم يكن ليعدل حياله خطته السياسية، فظلت هذه الخطة-بالتالي- امتدادا لاستعمار القرن التاسع عشر، على تفاوت في جوهريتها وصراحتها16
وهو لا ينسى دائما، في معرض إعطاء الأمثلة على استدلالاته، وهي كفاءة لا يعد له في غزارتها وإقناعيتها، إلا الدكتور عبد الوهاب المسيري، رحمه الله، لا ينسى أن يعطي مثلا، من بلده الحبيب الجزائر، كأحد مجالات التدمير الاستعماري الإجرامي: “وأوحت نفس الانتهازية في الجزائر بعض التصرفات المجردة من أية أهمية اجتماعية، ولكنها ذات مظهر ديمقراطي، وذلك مثال إلغاء القانون المشهور” بقانون أبناء المستعمرات” ومنح رخصة الصيد في ظل بعض الشروط، ودخول المسلمين المقيد في بعض المجالس المحلية، حيث بقي القرار النهائي من كل وجه في أيدي الأوروبيين، وكان هذا- كما قالوا- دين الاعتراف بالجميل للثمانين ألفا من الجزائريين الذين”ماتوا من أجل فرنسا”17 (يقصد في الحرب العالمية الثانية).
ومالك بن نبي ينتبه بذكاء إلى المؤسسات الدولية المهيمنة، التي أقامها الكبار، لكنهم اضطروا إلى مواربة “قانون القوة” الذي هو أساس سياساتهم، بقانون أخلاقي نظري لمجرد الخداع، لكن بعض المستضعفين ينفذون منه إلى موازنة الكفة ومواجهة قانون القوة، وهو يحاول أن يمسك بخيط الضوء الرفيع في آخر النفق، ليقرأ على ضوئه المستقبل بنوع من التفاؤل:”الوسائل التي يتحكم فيها الكبار قد حددت نطاقها، ولم يكن هذا التحديد في النهاية طبقا “لإرادة القوة” لدى حائزيها، وإنما طبقا لمطامح الشعوب الإفريقية الآسيوية وإرادتها للبقاء. وكان من النتائج السياسية لهذا الوضع وجود نوع من الحياة الديمقراطية يوزع -ولو نظريا- المسؤولية الدولية، لا على أساس”القوة” بل على أساس”البقاء” أو”الضمير”. وأوضح دلالة على هذا مثلا، ذلك الجزء من المسؤولية الذي تتمتع به في الأمم المتحدة دويلة نصف مستعمرة، هي دولة”هايتي”، والذي خولها أن تقرر مصير الشعب الليبي. وأن تنتزعه من بين مخالب الاستعمار، رغم إرادة بعض الكبار. وإن إدراج مسألة الجزائر في جدول أعمال الأمم المتحدة، لشاهد آخر على هذا التطور، الذي يعتبر من الناحية المادية من عمل الكبار. ولكنه يخرج من أيديهم، حتى كأنه شيء لم يقدروا حسابه، فينقلب تقديراتهم وتكهناتهم وامتيازاتهم18
وهو رحمه الله يثق في حركة التاريخ، التي ساهم الغرب القوي في رسمها، لكنها تنقلب حتما عليه، لأنها تتقدم إلى الأمام، رغم أنف صانعيها أنفسهم، إذا ما حاولوا الرجوع إلى الوراء أو الوقوف سدا مانعا في وجه تطوره، وهو يعتقد أن هذا المسار، يصب في صالح قانون الحق لا قانون القوة، مهما حاول الأقوياء عكس ذلك، باستعمال أساليب برع مالك بن نبي في كشفها وتفنيدها، بطول وعرض مؤلفاته الكثيرة والغزيرة:”الاتجاهات الرجعية يمكنها أن تأخذ صورة الإيحاء السلبي لتضليل الضمائر، أو النشاط العنيف لتحطيم الطاقات العذراء، أو أن تقترح حلولا خاطئة لتمويه المشاكل الحقيقية، فتحافظ بذلك على وضع بال لا يتفق مع اعتبارات الحياة القومية والدولية. ومع ذلك فإنهم لا يستطيعون أن يحتفظوا بقوى انفجارية هائلة، خلف السد الوهمي الذي يريدون إقامته في وجه التاريخ، وبخاصة إذا كان في مقدور هذه القوة أن تحطم كل شيء يقف أمامها، وأن تبدده19.

ثانيا : مفهوم الثورة
أحسن محمد البنعيادي20 تتبع مفهوم الثورة في فكر مالك بن نبي واستعرض محاور المصطلح والمفهوم، فيعرض أركان العملية الثورية عنده، بقوله: “يؤكد مالك بن نبي على علمية العملية الثورية، ويحدد أركانها في ما يلي:
أ – حصول التغيير.
ب – أسلوب التغيير: الكيفية السريعة.
ج – طبيعة التغيير وتحديد الأهداف والمواضيع المراد تغييرها بشكل واضح.
د- تحديد وسائل التغيير.
و- اعتماد العقيدة الإسلامية كأرضية للانطلاق
هـ- اعتماد المنهج السليم في الحركة الثورية21
ويؤكد على أن نظرية مالك بن نبي في الثورة تستلزم شمولها كل الميادين، حتى لا تكون مجتزأة أو فاشلة، فلا بد من شمولها العوالم الثلاث:”عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء22، فإن أي ثورة يجب أن تتم في إطار هذه العوالم أي أن الثورة نفسها تصبح متناولة كمشكلة من “مشكلات الحضارة”، وبالتالي يتوجب الحديث عن التغيير الشامل: في مجال الثقافة والفكر بالدرجة الأولى باعتباره الانطلاقة الحقيقية لأي ثورة ناجحة وما سينتج عنه من تغير في عالمي الأشخاص والأشياء.
ومعنى هذا أن السياسة ليست هي الميدان الوحيد للثورة “ففي الاجتهاد ثورة على التقليد وفي الجهاد ثورة على الاستسلام وفي التجديد ثورة على الجمود وفي الإبداع ثورة على المحاكاة وفي التقدم ثورة على الرجعية والاستبداد وفي العقلانية ثورة على بلادة النصوصيين [بتعبير محمد عمارة]”23.
ولا يني الأستاذ مالك بن نبي يُؤَصل لمفاهيمه في عمق الرؤية الإسلامية، ولهذا يخالف جذريا، بهذا الصدد، من رأوا مفهوم الثورة دخيلا على الإسلام والتراث الإسلامي معا، ويسعى بالمقابل إلى غرس هذا المفهوم الراديكالي في عمق التربة الإسلامية. يقول ذ. محمد البنعيادي عن ذلك:”يستلهم الأستاذ مالك بن نبي أفكاره هذه عن الثورة من الإسلام الذي كان ثورة كبيرة غيرت وجهة التاريخ البشري ببناءاته الأخلاقية والثقافية والسياسية والاجتماعية في المجتمع الجاهلي، بل حتى أسماء معتنقيه كانت – حسب مالك -النمو الثوري في أدق معانيه وذلك عندما كان يقدم المرء مباشرة بعد إسلامه على تغيير اسمه رغم ما يعز في النفس من ذلك24”.
وبعد أن يربط مالك بن نبي الثورة بمفهوم التغيير، ويميزها داخله بأنها ذات إيقاع سريع، لفصلها عن عمليات تغيير أخرى بطيئة ومتدرجة لا تسمى ثورة، يطرح السؤال الإشكالي: “ما هو الموضوع الذي يجب تغييره ليبقى التغيير متمشيا مع معناه الثوري؟25″ ليجيب بتخوف يبرره المصير المحزن، لكثير من الثورات:”ولكن هل إن دفع القوى بعد إطلاقها نحو طريقها هو كل شيء؟ إن تاريخ الثورات في العالم يظهر كم أن مصيرها هش وغير مؤكد بعد انطلاقها26”
ولأن مالك بن نبي مقتنع بأن أساس كل تغيير حقيقي لابد أن يكون فكريا، فإنه وضع شرطا أساسيا لنجاة الثورات من داء الانحراف أو الإجهاض، ألا وهو النقد الذاتي الثوري والمستمر:”النقد الثوري كعلاج دائم المفعول لتصحيح مسار الثورة وحمايتها من كل الآفات التي يمكن أن تصيبها أثناء الطريق، لأن التغيير لا يكون في الأمة الإسلامية بحاكم يسقط، ولكن بشعوب تصنع الحضارة والثقافة والفكر(…)[يقول بهذا الصدد]: “فالثورة حين تخشى أخطاءها ليست بثورة وإذا هي اكتشفت خطأ من أخطائها ثم التفتت عنه فالأمر أدهى وأمر. وفي هذا الصدد نذكر قول ماركس: يجب دائما أن نكشف الفضيحة عندما نكتشفها حتى لا تلتهمنا”[بين الرشاد والتيه.ص18]”27
ويقدم مالك بن نبي نموذجا دقيقا لهذا النقد الضروري لصيانة الثورة، يقول ذ.محمد البنعيادي بهذا الصدد:” وقد تمحور النقد الثوري الذي دأب مالك على التأكيد عليه للحفاظ على الثورة وضمان نجاحها واستمراريتها حول:
-تحليل القابلية للاستعمار كخلفية فكرية ومفهوم نفسي.
– وقوفه في وجه من كانوا يرفضون النقد في الثورة الجزائرية بدعوى استفادة الاستعمار من ذلك.
[تحديده]لواجبات الثورة،[في]:
1. أن تحمي نفسها من سائر المحاولات التخريبية التي يكون فيها أصحابها سلطة جانبية في وطن ثوري، يؤثرون فيها حتى لحساب الخارج بما في أيديهم من وسائل السلطة.
2. الثورة في حاجة إلى أخلاقيات صارمة.
3. الثورة في حاجة إلى النقد والنقد الذاتي.
4. علم الاجتماع ملزم في البلاد التي دخلت في عصر ما بعد الثورة، أن يطرح السؤال أمام كل من تشتم منه رائحة الأمر الغريب الشاذ.”28
ويعطي مالك بن نبي مثلا للعنصر الرابع، بالثورة الفلسطينية المأسوف عليها، متسائلا:”كيف يمكن أن نتصور “تلاشي وانطفاء ظاهرة المندسين تلقائيا في داخل الثورة الفلسطينية، بينما يبدو بجلاء منذ الآن أنها لن تتلاشى قبل أن تزهق روح الثورة”؟. وكأن مالكا كان ينظر بعين المستقبل لما آلت إليه أمور الشعب الفلسطيني والذي تباع قضيته وأرضه في “المزاد العلني تحت غطاء مؤتمرات السلام”، و”مفاوضات السلام”، ومجموعة من الشعارات أثبتت الأيام والوقائع عدم جدواها.”29
وقد خلص الأستاذ إلى قانون مأساوي، حكَم ثورات العالم الإسلامي، طيلة القرن العشرين، وعاينه هو شخصيا بصفته “شاهدا على القرن”30، يقول:”الثورة يخطط لها الإسلاميون وينفذها الفدائيون، ويسرقها المرتزقة”31
ويعطي العبرة بالأذكياء الأزكياء، الذين لم تسرق ثورتهم لأنهم حرسوها بحق، ضاربا المثل بأبي بكر الصديق(رضي الله عنه) في محاربته للمرتدين:”وفي تطور الثورة الإسلامية “يرى مالك بن نبي في محاربة أبي بكر لأهل الردة وما نعي الزكاة موقفا ثوريا يجب أن نستخلص منه العبر الكافية والدروس الضرورية لكل ثورة مقبلة.”32
ولا يمكن بأي حال أن نختم حديثنا عن مفهوم الثورة عند مالك بن نبي دون أن نستعرض تحليله القاسي، ولكن العميق، لمصير”الثورات”الذين يحرصون بعد نجاح الثورة على بقائهم عوض بقائها. لأن”إغراء الفكر الثوري كبير لكي يتخذ طريق السهولة، وهذا أخطر إغراء يتعرض له الزعماء وقادة الجماهير؛ فإذا جاء بعد ذلك عصر الجهد البنائي والمهام الموضوعية وجدناهم متحيرين في أهدافهم، محبوسين في ميكيافيليتهم، مختبلين في منطقهم الذي كان من الجائز أن يكون مؤثرا فعالا في مرحلة الاضطراب، ولكنه يصبح باليا متأخرا غير فعال عندما يشارفون اختبارات مشاكل البقاء والتوجيه”33

خاتمة:
كان هدفي من هذه اللمحة السريعة، بيان أمرين:
– ربط مالك بن نبي بالفكر بمعناه الواسع، الذي يحتضن الثقافة والأخلاق والقيم، ويفسح للعقيدة نفسها وللوحي مجالا داخله.
– مساهمته في تطوير بعض الأفكار السياسية أو في نحتها أصلا، مغنيا القاموس السياسي بمصطلحات جديدة أو بمضامين مجددة ومصوبة للمشهد الفكري والسياسي.
والله الموفق

المراجع:
– مالك بن نبي، مذكرات شاهد القرن: الطفل.
– مالك بن نبي، فكرة الافريقية الأسيوية(في ضوء مؤتمر باندونج)، ترجمة عبد الصبور شاهين.ط2. بيروت. 1971.
– مالك بن نبي، بين الرشاد والتيه، دار الفكر، دمشق.ط1. 1978.
– مالك بن نبي، الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
– مالك بن نبي، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
– غازي توبة، الفكر الإسلامي المعاصر، دار القلم. بيروت. ط3.
– عبد السلام ياسين، الإسلام بين الدعوة والدولة. 1970.مراكش.ط1.
– عبد السلام ياسين، الإسلام غدا. 1972.
– محمد البنعيادي، مالك بن نبي ثائرا. موقع الشهاب للإعلام. 30-04-2010.

الهوامش:
1- مالك بن نبي، بين الرشاد والتيه، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى.1978. ص77
2 – مالك بن نبي، المرجع نفسه، ص174. وقد وصف في الفقرة التي قبلها مباشرة الاستعمار بقوله:”سنجد الدهاء والمكر والخداع والنهم والشراسة من نصيب الاستعمار لا ينازعه في هذه الفضائل أحد”. والجميل أنه علّق على الفقرتين معا، في ما يتصل بتجربته الشخصية، بكلمة تحتاج إلى تأمل عميق:”إنه ما أصابني الاستعمار بأذى يعطل نشاطي، إلا عن طريق هيئة دينية إسلامية، أو سلطة في بلاد عربية”! الصفحة نفسها.
3 – مالك بن نبي، فكرة الإفريقية الآسيوية(في ضوء مؤتمر باندونج)، ترجمة عبد الصبور شاهين، الطبعة الثانية، بيروت1971. ص15. أما بصدد موقفه من”الشخصنة”داء قاتلا، فينظر كتابه الرائع:”الصراع الفكري في البلاد المستعمرة”.
4 – المرجع نفسه، ص19
5 – المرجع نفسه، ص8.
6- أنظر في نقد موقفه من باكستان: غازي توبة: الفكر الإسلامي المعاصر. دار القلم. بيروت. لبنان. ط3. ص56- 60. في نقد أصوله الفكرية: عبد السلام ياسين: “الإسلام بين الدعوة والدولة”. ط1. مراكش. 1970. و”الإسلام غدا “ط1.مراكش.1972.
7- المرجع نفسه، ص22.
8- المرجع نفسه، ص9.
9- المرجع نفسه، ص10.
10 – المرجع نفسه، ص24.
11 – المرجع نفسه، ص16.
12- المرجع نفسه، ص17.
13- المرجع نفسه، ص45-46.
14- أنور السادات سنة 1957
15- المرجع نفسه، ص11.
16- المرجع نفسه، ص32
17-المرجع نفسه، ص33
18- المرجع نفسه، ص40-41.
19-المرجع نفسه، ص35
20- رئيس تحرير المحجة الإسلامية المغربية. نشر الكتروني 30-04-2010، بموقع الشهاب للإعلام، تحت عنوان، مالك بن نبي ثائرا.
21- نفسه ص3.
22- كثير من أفكار مالك بني نبي الإبداعية، لم تجد للأسف من يطورها في الاتجاه الذي بناها فيه الرجل. إلا أن هذه الثلاثية وجدت لحسن الحظ رجلا رعاها وطورها ووظفها تطبيقيا في العلوم التربية،ألا وهو الأستاذ ماجد عرسان الكيلاني مشكورا.
23- نفسه. ص. نفسها.
24- نفسه. ص4
25- مالك بن نبي، بين الرشاد والتيه. ص49 نقلا عن المرجع علاه.ص2.
26- مالك بن نبي، مشكلة الأفكار ص119 نقلا عن المرجع أعلاه. ص3.
27- المرجع نفسه. ص4-5.
28- المرجع نفسه.ص6.
29- نفسه. ص5.
30- اختار مالك بن نبي لمذكراته الهامة جدا، هذا العنوان، وهذه نقطة تشابه أخرى مع جارودي.
31- العالم في حوار مع الشيخ محمد الغزالي.ص134. نقلا عن المرجع السابق. ص5.
32- نفسه.ص6.
33- فكرة الأفريقية الآسيوية. ص106. نقلا عن المرجع نفسه. ص6-7.

الملتقى الدولي: مالك بن نبي و استشراف المستقبل
من شروط النهضة إلى شروط الميلاد الجديد
في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية
تلمسان 12 ـ 13 ـ 14 ديسمبر 2011 م
17 ـ 18 ـ 19 محرم 1433 هـ

Comments (0)
Add Comment