التذوق البياني للظاهرة القرآنية عند مالك بن نبي

عدد القراءات :2571

1. توطئة:
إن التراث الفكري الذي خلّفه الأستاذ مالك بن نبي يحمل قارئيه على الشهادة له بالعقلانية المسدّدة1 والمنهاجية المؤيدة، وهو نسيج وحده في الضبط المفاهيمي والكفاءة البرهانية. وإن يكن قد ألزم نفسه أن يكون باحثا في المسألة الحضارية شأن ابن خلدون، فإنه قد صاغ أصل نظريته الكبرى في مبدأين أساسين:
الأول* معادلة قوامها أن الحضارة= الإنسان+الوقت+التراب، والفكرة الدينية هي المركب بينها2.
الثاني* تخطيط بياني يحدّد دورة الحضارة في ثلاث مراحل: الانطلاق ومقياسه الروح، ثم التحضر ومقياسه العقل، ثمّ السقوط ومقياسه الغريزة3.
وحين نستعيد هذا التراث بعد خمسة وثلاثين عاما من وفاة صاحبه، قصد إعادة تنزيله في واقعنا وقصد الكشف عن طريقته في التعامل القرآن الكريم، فإننا نحتاج إلى تبيان مجموعة من الدعاوى المنهجية التأصيلية لمشروع هذه القراءة، وهي:
1. ضرورة تخليص ابن نبي من التعقيد الفلسفي والترف الفكري.
2. المركب الحضاري(الفكرة الدينية) يمثلها النص الثقافي المؤسس، وهو القرآن الكريم.
3. حاجاتنا الحضارية الجديدة تقتضي منهجا جديدا للتعامل مع القرآن الكريم.
ويبدو أن مالكا حين أخرج كتابه الظاهرة القرآنية عام 1947 فإنه قد وضع المهاد التأسيسي لضرورة فهم القرآن، باعتباره نصّا مؤسسا للثقافة وباعتباره فكرة دينية هي المركب لعناصر الحضارة، لذلك اقترح منهجا جديدا رآه كفيلا بتحقيق المقصد من إعادة تنزيل القرآن في الواقع بحسب الحاجة الحضارية، فقال:

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.