من الإطار المعرفي إلى إعادة بعث المشروع الفكري والحضاري لمالك بن نبي
د.رشيـد ميمـــوني
جامعة الجزائر-2-
I. وضعيةفكرمالك بن نبي
أولا- تميز فكر بن نبي، خصائص أتباعه وظروف نشر أعماله:
منذ وفاة مالك بن نبي توسعت دائرة الاهتمام بأعمالهلدى فئات عريضة من مثقفين ومختصين في ميادين مختلفة وحتى سياسيين من دول عديدة مما يدّل على حيوية فكره واستجابته لتساؤلات جوهرية تؤرّق ضمير المسلمين. عقدت عدّة مؤتمرات وألفت العديد من الكتب وحرّرت أطروحات ومقالات حول مالك بن نبي.
إنّ مؤتمرنا هذا ينعقد في ظروف متميزة تعيشها البلدان العربية والإسلامية والعالم أجمع أفضت إلى ضرورة فهم التحوّلات في ضوء تحاليل بن نبي وتنبؤاته الثاقبة خاصة بعد فشل النماذج التنموية الجاهزة المختلفة في تحقيق النهضة المنشودة في بلدان العالم الإسلامي منذ عصر النهضة فضلا عن ظهور أشكالا جديدة للهيمنة الغربية ممّا أدى رغم تحقيق بعض المكاسب الهامة كارتفاع نسبة التعليم وبناء هياكل سوسيواقتصادية، إلى استمرار التبعية في المجال الفكري والتكنولوجي والاقتصادي والثقافي.
كنت دائما أتساءل عن مدى راهنية أفكار بن نبي ومدى قابلية إنجاز مشروعه الفكري والحضاري؟وما هي الدواعي المعرفية الموضوعية لإعادة بعثه من جديد ؟
كيف أن مفكرا يتمتّع بشخصية كاريزماتية جذبت إليها أتباع مرموقين من مختلف الجنسيات خلال مراحل حياته الفكرية ، صاحب نظام فكري مميّز عالج قضايا جوهرية لم تطرح بهذه الكيفية من قبل لم يرتق بعد إلى مصف مدرسة فكرية بكل المقاييس لها حضورها في المجالات الأساسية التي تعنى ببناء الفرد والمجتمع ؟
يرجع ذلك حسب رأيي إلى عدّة أسباب ،
تجدر الإشارة إلى أنّ بن نبي لم ينجز عملا أكاديميا في ظروف مستقرة بل عايش أوضاعا صعبة عبر تنقلاته إلاّ أنّ ذلك ساعده على رصد ملاحظات هامة وبناء جهازه النظري مثلما ذكر ذلك الدكتور خالدي فيمقدمة كتاب ” شروط النهضة”1
نظرًا لظروف موضوعية تبلورت أفكار بن نبي في الأوساط الثقافية تدريجيا وفق وتيرة نشر أعماله وشروحات الأتباع والمفكرين ومدى حدّة العراقيل، حصل عموما إجماع على أهمية طروحاته وخصوصية منهجه، ووحدة تصوره، وصدق معاينته للأوضاع و تحقُّق بعض تنبؤاتهكفلسفته الحضارية والاجتماعية المبنية على تحليل المراحل الكبرى للتاريخ الإسلامي التي لاقتإقبالا كبيرا؛ إذ اتخذ كنموذج نظري أشمل وحدة دراسية وهي الحضارةوعرض كيفية نشأتها وتطورها بالاستعانة بابن خلدون و Toynbeeوفلاسفة الحضارة وشرح سيرورة تكوين الشبكة الاجتماعية والأسباب النفسية والاجتماعية التي أدّت إلى تمزقها.
تمتاز قراءة أعماله بصعوبة نسبية إذ تتطلب ثقافة واسعة من طرف القارئ لأنه قام بصياغة مفاهيم مركبة ويحيل إلى مفكرين وفلاسفة عالميين وذلك رغم مجهوداته للشرح والتوظيف البديع للأمثلة. يتّسم أسلوبه الأدبي بالجمال والتأثير النفسي، إلاّ أن الحقائق التي يعرضها والصراحة الجريئة التي يتّسم بها أحرجت البعض وزعزعت قناعاتهم .
ينتمي هؤلاء الأتباع للنخب الجامعية المتواجدة في عدّة مجالات علوم طبيعية، إنسانية ودينية ومثقفين وإطارات. نلاحظ عند الأتباع في المشرق أو المغرب الانجذاب الشديد لشخصية بن نبي وإعجابهم بأفكاره نظرا لعلمه ومنهجه وإخلاصه، الأمر الذي مثّـل نقطة تحول كبير في حياتهم، إذ كانوا يتطلعون لا شعوريا إلى من يشرح لهم أسباب التخلف والانحطاط ويطمئنهم حول صدق الإسلام ويصالحهم مع العقل. إنّ مسعاهم امتدّ من الاعتزاز بالانتماء إلى دائرة تلامذته إلى غاية القيام بنشاطات فكرية لنشر أفكاره وأعماله، ومن أتباعه:من عكف بمجهود كبير وتفان في جمع كتبه ومقالاته بغية إعادة نشرها أو شرحها مثل : الدكتور عمر مسقاوي، شاهين عبد الصبور، زكي ميلاد، نورة خالد سعد(من المشرق)؛بن عمارة، عمار طالبي، الإخوة بن عيسى، عبد اللطيف عبادة، وغيرهم (من الجزائر).
و نشيد في هذا السياق بمجهود تلميذهنورالدين بوكروحالذي أخذ على عاتقه في مؤلفه2عملية إعادة قراءة أعمال بن نبي في ضوء التسلسل الزمني للأحداث التاريخية ، مستندا على مذكراته وأعماله وتلك المنشورة حديثا بما في ذلك وثائق الأرشيف العائلي لـ بن نبي، لم يكتف بذلك بل تعرض لأفكار المؤلفين الذين ورد ذكرهم في كتب بن نبي، وأخيرا وضع بعض الإسقاطات حول الوضعية الحالية للمسائل المطروحة من طرف بن نبي ( رغم أن المؤلِف أظهر في تقييمه بعض المواقف الذاتية). تعدّ تلك المحاولة مساهمة هامة في سبيل إعادة بعث المشروع الفكري لـ بن نبي.
برزت كذلك محاولات لتعميق محاور فكر بن نبي على رأسها سلسلة كتب جودت سعيد(أنظر مثلا كتاب:” حتى يغيروا ما بأنفسهم”3. كما أنّ هناك من أدمج أفكار بن نبي مع طروحات ومرجعيات أخرى سواء في الفكر الإصلاحي والحركي أو الصوفي مثل: الدكتور حمزة بن عيسى الذي ألّف عدّة كتب معتمدا على ثلاث مرجعيات بن نبي وGuénon والفكر الصوفي.
تسارعت وتيرة الاهتمام ببن نبي منذ عشرين سنة تقريبا، هناك كوكبة من المثقفين الشّباب الذين عكفوا على ترجمة وتوضيح فكر بن نبي أمثال : نورالدين خندودي من الجزائر، وطاهر ميساوي من تونس.
نذكر أيضا منتلامذةمالك بن نبي الأستاذ عبد الوهاب حمودة الذي جسّد قيّمه وأفكاره في حياته .
بفضل هذه المجهودات التفّ حول أفكار بن نبي العديد من المثقفين في البلدان العربية والآسيوية والأوروبية ووسّعوا إطاره الفكري من خلال عقد مقارنات سواء مع مفكرين أشار إليهم بن نبي مثل: محمدإقبال، أو لم يشر إليهم مثل: Weber ونظريات متعلقة بمصير الحضارات مثل: Fukuyama، Huntington.
تبنّت أيضا العديد من المؤسسات الفكرية العالمية فكر بن نبي مثل:” المعهد العالمي للفكر الإسلامي” وتوسعت دائرة الاهتمام بفكره إلى بلدان إسلامية جديدة كـ “ماليزيا ” تزامنا مع ترجمة كتبه إلى الانجليزية.
تعدّ تلك العوامل إرهاصات لبعث فكره.
ثانيا- صدق تنبؤات بن نبي ورفع بعض التحفظات عن فكره:
نظرًا لظروف فكرية وسياسية فرض على أفكاره حصارًا مُعلنا أو ضمنيا بسبب آرائه النقدية اتجاه بعض التجارب السياسية والتيارات الفكرية فتمّ عزل أفكاره أو تشويهها.
سجلّ مالك بن نبي بعض الانتقادات بخصوص التوجهات والسياسات المنتهجة بعد الاستقلال في الجزائر مشيرا إلى محدودية الإصلاحات ما لم تنفذ إلى جوهر الإنسان وتبعدالسلوكات السلبية.
إنّ تعثر بعض أشكال التنمية غير المتمحورة ذاتيا والتبعية للمواد الأولية وعدم إنشاء اقتصاد منتج مزدهر والتركيز على التنمية المستدامة وضرورة التسيير الراشد سمح بإنصاف مالك بن نبي بعد مماته.
ضف إلى ذلك بعض القضايا التي أثارت حفيظة بعض الجهات مثل ربط بن نبي بين حركةالاستعمار والقابليةللاستعمار، إلاّ أنّ الرجوع المفاجئ للمشاريع الاستعمارية بأشكال متجددة أعاد بقوة نظريته إلى الواجهة.تلك التحوّلات على مستوى البلدان الإسلامية وفي العالم أدّت إلى مراجعة بعض المفكرين لطروحاتهم وخاصة لدى بعض القوميين و السياسيين وفرضت عليهم البحث عن تحاليل بديلة مقنعة فتفهّمواأفكار بن نبي أكثرمثل: الدكتورعبد القادر جغلول.
II. مخطط أولي لاستيعاب فكر مالك بن نبي وإنشاء مدرسة فكرية
أولا-المنظومة الفكرية ومنهج وضع النظريات:
تهدفالإبستيمولوجياإلى تحليل مسار ومحتوى تخصص أو مجال معرفي أو مدرسة فكرية من خلال ذكر ظروف نشأتها والعوامل العديدة التي ساهمت في تحديد الحقل والوجهة والمناهج والتطورات اللاحقة في النسق.يمكن أن نجري محاولة تحليلية مشابهة على فكر مالك بن نبي.
أسس منظومته الفكرية منفردا أو بمعية بعض الأصدقاء المقربين لهأمثال: د. خالدي والأستاذ بن ساعي، أمّا اليوم فقد التف حول أفكاره جملة من الأتباع والمثقفين في تخصصات عديدة وفضاءات فكرية وثقافية متنوعة بإمكانهم أن يشتغلواعلى شكل ” المثقف الجماعي” (لـ غرامشيGramsci ) لتطوير أفكاره.
لكي يتمّ إثراء إنتاج المفكرين الكبار ينبغي ترسيخ فكرهم في إطار “مدرسة فكرية ” قد توصفبالجديدة مثل المدرسة “الهيجيليةالجديدة” إذا كانت التعديلات هامة، قد يحدث الإثراء بطريقة أخرى بالنسبة للمشاريع الفكرية ذات الأبعاد العملية مثلما حدث عندما عدّل ” لينين ” النظرية الماركسية للتوصل إلى مرحلة الاشتراكية وتخطي المرحلة البرجوازية بالنسبة للبلدان الإقطاعية المتأخرة مثل: روسيا آنذاك وصاغ الأدوات السياسية المناسبة ( حزب طلائعي، هيئات اقتصادية واجتماعية جديدة ). إن المفكرين الكبار ينضوون تحت تقليد أكاديمي فلسفي ثري له امتدادات في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية،وكذا في التخصصات الجامعية خاصة في العلوم الاجتماعية( اقتصاد، علم الاجتماع، العلوم السياسية…). ففي العالم الأنجلوسكسوني نجد انتشار النظريات النفعية والليبيرالية، أما في فرنسا قيم عصر التنوير والعقلانية والوضعية، وفي ألمانيا النزعات المثالية والمادية والقومية،أما في الصين فالتشبثبالأرضية الفلسفيةالكونفوشيوسية.
أما في الوطن العربي فقد تمّ استيراد تلك التقسيمات الأكاديمية للتخصصات بمضامينها وتمّ تجاهل بعضالمفكرين الذين اهتموا بدراسة مجتمعاتهم ووضعوا شروطا للنهضة مثل مالك بن نبي والدليل على ذلك أنه يدعى ” فيلسوف الحضارة ” ولا يوجد تخصص يعنى بالحضارة (خاصة الإسلامية).
إنّ عملية إثراء فكر بن نبي و وضع شروط لنهضة مرتقبة يجب أن تنطلق من خصوصية منظومته الفكرية التي تكونت على مراحل من خلال تفاعل بعض العوامل الشخصيةكامتلاكه لثقافة مزدوجة، إخلاصه وحدّة ذكائه وشغفه للمعرفة، وتوازنه بين النزعة العقلية والنزعة الروحية، وفكره التركيبي ودقّة ملاحظاته، ورهافة أحاسيسه، وتمسكه بالإسلام ورفضه للهيمنة من جهة مع عوامل متعلقة بالبيئة السياسية والاجتماعية والدينية والفكرية التي أثرت على فكره خلال مراحل حياته في الجزائر ثمّ فرنسا وبعدها مصر وأخيرا استقراره النهائي في الجزائر من جهة أخرى، ويتجلى ذلك من خلال القضايا التي تناولها في مؤلفاته ومذكراته.
عندما نطرح بكل صدق وعفوية وحماس مسألة إعادة بعث مشروع مالك بن نبي،فإنه في تصوريهناك ثلاث مستويات :
1- هناك أهداف ومناهج ومواضيع للمعالجةيمثّـلهاالمشروع الفكري الذي يتطلب الإثراء والتحيين.
2- عرض فكر بن نبي وتثبيته في المناهج الدراسية حسب مراحل التكوين والتخصصاتيمثّـلهالمستوى الأكاديمي.
3- توفيروسائل الإنجازلبعث المشروع الحضاري:يتم ذلك حسب الظروف والمساحات المتوفرة في كل بلد وفي مختلف المجالات التربوية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والاقتصادية وحتى السياسية،مع التفكير في تحقيق التناغم مع عناصر أخرى مكوّنة للمشروع الوطني الكلي.
هذا ونشير إلى أن تلك المستويات قد تكون أيضا متداخلة فيما بينها.
سنتناول في مقالناهذا مستوى المشروع الفكري : لقد تم قطع أشواط معتبرة من حيث نشر وترجمة وكذا شرح وتقييم أولي لأعمال بن نبي وإثر ذلك لقد انتهت في تصوري للمرحلة الأولى المتمثلة في وضع ملامح “المدرسة الفكرية لمالك بن نبي”، تتمثل المرحلة اللاحقة في الإثراء والتوسيع والتجاوز لترسيخ النسق المعرفي.
تقع على عاتق “المثقف الجماعي” أو المفكر الفردي مهمة كبيرة تقتضي ضرورة معرفة ما هو المطلوب منه أمام تراكم إنتاج زاخر وثري حول مالك بن نبي: كتب، رسائل جامعية، مقالات…الخ، أما من حيث المواضيع نسجلّ تركيز الباحثين على مواضيع معينة : الحضارة، الأفكار، النهضة والتغير في حين تقلّ الدراسات حول الإسقاطات أفكاره على الواقع الاقتصادي، دراسة المجتمع وكذا التحوّلات بعد الاستقلال وهناك مقارنات جادّة. إن كان إنجاز تلك المهمة (الجمع والشرح والتحليل الأولي) مقبولا في المرحلة الأولى فإن المرحلة اللاحقة تتضمن إنجاز مهام إضافية.
تمتاز المنظومة الفكرية لمالك بن نبي بخصوصية تجعل تصنيفه في تخصص أكاديمي أمرا صعبا إذ وظف في تحليلاته العديد من المفاهيم والنظريات من مفكرين في فروع عديدة ينتمون لثقافات مختلفةتجعل منها نسقا فكريا مفتوحا يقبل بل يتفاعل مع العطاءات الفكرية الخارجية ويدمجها في تصوره ما دامت لا تتعارض مع توجهاته الأساسية. تعد تلك الميزة نقطة الانطلاق لإعادة بعث مشروعه الفكري والحضاري.
يقول طاهر ميساوي : » إن تحليل بن نبي للمسائل العقدية، الأخلاقية الاجتماعية والثقافية، تستند إلى فهم وحدة تاريخ الإنسانية، توجه فلسفي واضح وعميق ووعيي حاد للتيارات الثقافية والفكرية السائدة في الغرب والعالم العربي، تلك الخصائص الفكرية امتزجت برغبة واعية لتجاوز القوالب الفكرية المهيمنة ونزعة عميقة للتنظير المنظم4« .
تبلورت اهتمامات بن نبي من خلال ما عايشه عبر مراحل حياته وإن طبيعة المواضيع التي اختار أن يتعرض لها (الحضارة، النهضة وشروطها) اقتضت ذلك المنهج المتعدد الأبعاد والتخصصات وساعده في ذلك قراءاته المتنوعة الوجيهة وعزيمته القوية (لنتصور مثلا مدى صعوبة مهمة إعادة كتابة “الظاهرة القرآنية” بعد أن أتلفت النسخة الأصلية والمراجع في غارة جوية).
شعر بضخامة التحدي عند تأليف “شروط النهضة” ولكنه وضع بمنهجية مصفوفته القاعدية للمواضيع المطلوبة للدراسةثم عند تطوير تلك المواضيع في مؤلفاتهالّلاحقة انتهج منهجا يعتمد على صياغة النظريات بعد تقديم عرض تحليلي للمفاهيم الرائجة في الفكر الغربي والإسلامي مدعمة بأمثلة تاريخية، فحقق بذلك نجاحا على عدة مستويات:
– ترسيخ منظومته الفكرية، بحيث يشعر القارئ بعمق وتميز ووحدة فكره رغم تنوع المواضيع و صواب تحاليله للواقع وتنبؤاته المستقبلية.
– تفوقه ( المنقطع النظير) في منهجيتهوإمكانية توظيفها في عدّة مجالات. استغرب ” بوكروح” كيف أن بن نبي استطاع مثلا أن يدمج في تصوره كل من فيلسوف التربية الأمريكي البراغماتي ” جون ديوي” والفيلسوف الألماني العَدَمِي” نيتش “5
من أجل تقييم قدرته التركيبية وعملية توليد المفاهيم عنده نقف عند أهم تصوراته.
عندما تناول مفهوم “الثقافة” في كتبه ابتداء من شروط النهضة قدّم التعاريف السائدة من طرف علماءأمريكيين في الأنثروبولوجيا الثقافية مثل: ” Linton و Ogburn ” إلى جانب الطرح النقيض في الثقافة الاشتراكية ، ثمّ انتقى منها ما يسمح له بإرساء نظريته حول كيفية إحياء عناصر الثقافة خدمة للنهوض الحضاري، فبيّن ما ينقصها : ” هذين التعريفين يعدان من الوجهة التربوية مشتملين على فكرة عامة عن الثقافة ، دون تحديد مضمونها القابل لأن يدخله التعليم في سلوك الفرد وأسلوب الحياة في المجتمع. وهذا ما نريد أن نحاوله حين نربط ربطا وثيقا بين الثقافة والحضارة، وفي ضوء هذا الربط تصبح الثقافة نظرية في المعرفة “.6
ثمّ بعد ذكر أمثلة من واقع المجتمعات يقنن تعريفه الأولي للثقافة كـ ” مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي يلقاها الفرد منذ ولادته، كرأسمال أولي في الوسط الذي ولد فيه” .
وللدليل على قدرته التحليلية و”استقلاليته الفكرية” :
1- يرفض مسلّمة الأنثربولوجيا الثقافية الأمريكية التي تسوّي بين الثقافات ( وتماثل الثقافة للحضارة) وتكتفي بوصف عناصرها في حين يرى بن نبي أنه لا فائدة من اعتبار الثقافات الجامدة بمثابة حضارات
2- لم يمارس بن نبي “الحصار الإيديولوجي “في عملية انتقاء الأفكار (كما كان سائدا آنذاك):
فالتفاضل بينها ينبع من قناعة فكرية مدّعمّة بأدلة أو من عدم ملائمة نظرية ما مع الإطار الاجتماعي والثقافي للمجتمعات الاسلامية.
أوضح بوكروح:» أنّ بن نبي كان أقرب من ” Jung”و” طاقته الحيوية” من ” Freud ” وفكرة Libidoالطاقة الجنسية ، كان في انسجام أكثر مع روحانية ” Keyserling” من حتمية ” Spengler “…«7، ولكنني أضيف أنه بالمقابل لم يتردد في توظيف مفهوم آخر لـ فرويد ” الأنا –Le moi ” عندما تعرَّض في كتابه الظاهرة القرآنية للظروف النفسية لتنزيل الآيات على الرسول محمد “صلى الله عليه وسلم” فكرّر مفهومه الإجرائي “الأنا المحمدي” للبرهنة على أن النبي تلّقى القرآن من الله تعالى ولم يؤلفه.
يواصل بن نبي العملية الإبداعية التركيبية من خلال ” توجيه البناء الثقافي” عن طريق ديناميكية تصفية رواسب الماضي ومراعاة مقتضيات المستقبل مستنجدا بأمثلة مؤثرة مقتبسة من ملاحظاته وقراءاته في التاريخ والفكر. ثمّ يدّعم صرحه النظري بعرض العناصر المكونة للثقافة : الدستور الخلقي ، الذوق الجمالي، المنطق العملي ، الفن التطبيقي . ولإثبات مسعاه الإصلاحي أوضح أنّه » في هذا المركب الاجتماعي للثقافة ينحصر برنامجها التربويوهو يتألف من عناصر أربعة يتّخذ منها الشعب دستورا لحياته المثقفة«8.
يدّعم هذا التوجه كتابه ” مشكلة الثقافة”وأخيرا جسّد بعد استقلال الجزائر فكرته لإنشاء مجلس استشاري للثقافة المقترحة منذ سنة 1949 حيث تولى سنة 1963 مسؤولية إدارة “مركز للتوجيه الثقافي”.
يمكن معاينة عملية صياغة المفاهيم عند بن نبي في أعماله الأخرى ولنأخذ مثلا ” الإسلام والديمقراطية”: يحيلنا إلى النظم الديمقراطية في التاريخ ، ثمّ يعرض المفهوم في الفكر والتاريخ الإسلاميين ليتوصل إلى نتيجة مزدوجة:
– تسبق الثقافة الديمقراطية إنشاء المؤسسات السياسية.
-الممارسة الديمقراطية في العالم الإسلامي يجب أن تتجنّب حدّي استبداد السلطان وخضوع المواطن.
نسجل نفس النمط المنهجي عند تعرض بن نبي لتصنيف الأفكار والصراع الفكري والإيديولوجي وخصائص النخب الخ…
إنّ قدرته التحليلية سمحت له برصد كل الحركات الفكرية والسياسية والتربوية في العالم الإسلامي المنضوية تحت راية النهضة فتتبع مسارها وأظهر إيجابياتها ووقف عند مواطن ضعفها، ونظرا لحماسه الفياض كان يضع آماله في بعض الحركات النهضوية وعند انحرافها عن النهج المطلوب كانت له الشجاعة الأدبية للاعتراف بخطأ تقديره في ذلك.
ثانيا- المسألة الاجتماعية والأمراض الاجتماعية
لنقفعند منهجية بن نبي في طرحه للمسألة الاجتماعية في إطار منظومته الفكرية و بحثه عن سنن التغير الحضاري.عندما نتفحص كتابه “شروط النهضة ” نجده وفيا لمنهجيته التي فصلناها سابقا بخصوص صياغة المفاهيم بعد انتقاء تعاريف مختلف المفكرين ونضيف الآن خاصية إضافية تتمثل في تنبيهه القارئ إلى أنه لا يهمّه التعريف النظري في حدّ ذاته بقدر ما يركز على أثره الاجتماعي.
بخصوص تعريفه ” للتوجيه الأخلاقي ” يقول:» لسنا نهتم بالأخلاق من الزاوية الفلسفية لكن من الزاوية الاجتماعية وليس المقصود هنا تشريح مبادئ خلقية، بل أن نحدد قوة التماسك الضرورية للأفراد في مجتمع يريد تكوين وحدة تاريخية، هذه القوة مرتبطة في أصلها بغريزة الحياة في جماعة عند الأفراد « 9
صاغ مفهوم ” التراب ” بنفس الطريقة » حينما نتكلم عن التراب، لا نبحث عن خصائصه وطبيعته… ولكننا نتكلم عنه من حيث قيمته الاجتماعية« 10
وفيما يتعلق بالمنطق العملي » لسنا نعني بالمنطق العملي ذلك الشيء الذي دونت أصوله منذ أرسطو، وإنما نعني به كيفية ارتباط العمل بوسائل ومعانيه ، وذلك حتى لا نستسهل أو نستضعف شيئا بغير مقياس يستمد معاييره من واقع الوسط الاجتماعي«11
كما أنه لا يتذوق الجمال من أجل الجمال » لا يمكن لصورة قبيحة أن توحي بالخيال الجميل… والمجتمع الذي ينطوي على صور قبيحة، لابد أن يظهر أثر هذه الصور في أفكاره وأعماله… ولقد هذه الملاحظة كل من عنوا بالنفس الاجتماعية من علماء الأخلاق مثل الغزالي… والإحسان صورة نفسية للجمال. وترجمة هذا الاعتبار في لغة الاجتماع بصفتها روح الأعمال التي تعبر عنها أو تسير بوحيها، إنما تتولد من الصور المحسة الموجودة في الإطار الاجتماعي «12
تعرّض بن نبي أيضا إلى شرح ماركس لرأس المال ثمّ يضيف » يقابل الحال الآن ( في سنة 1948) في البلاد الإسلامية لأن رأس المال نفسه لم يتكون في غالب تلك البلاد…ومن هنا كان حتمًا علينا…تحديد رأس المال ذاته من زاوية أخرى، باعتباره آلة اجتماعية تنهض بالتقدم المادي «13
لقد أحصيت عند تفحص كتاب ” وجهة العالم الإسلامي ” ما يقارب ثلاثين إشارة إلى القضايا الاجتماعية والسوسيولوجية وردت تحت ألفاظ متنوعة : ” الرسول عالم الاجتماع الكبير”، ” رواسب الوراثة السوسيولوجية” ، ” من وجهة نظر علم الاجتماع”، ” الشروط الاجتماعية” ، ” انفصام في شبكة العلاقات الاجتماعية” ، ” دعوة إلى علم النفس اجتماعي جديد” ، ” من أجل علم الاجتماع تطبيقي”،”تحويل العوامل السوسيولوجية إلى تركيبة اجتماعية” .
وهكذا نجده يطرح الكثير من المسائل من منظار المصلحة الاجتماعية ويبتعد عن القراءات الإيديولوجيةأو التعاريف “الماهيتية”(essentialistes)،لقد عرض المسألة الحساسة لمكانة المرأة ودورها كالتالي:
» ليست مشكلة المرأة شيئا نبحث عنه منفردا عن مشكلة الرجل، فهما يشكلان في حقيقتهما مشكلة واحدة هي مشكلة الفرد في المجتمع… فهذه المشكلة ينبغي أن تحل، يكون الاعتبار فيه لمصلحة المجتمع «14
تعدّ مسألة نسج وانحلال شبكة العلاقات الاجتماعية قضية جوهرية في فكر بن نبي إذ تناول وضعيتها في مراحل نشأة المجتمع وتطور الحضارات ، وفي سياق الثقافة وفي علاقته مع الأفكار( خاصة الدينية منها)؛ لازالت تلك المسألة تتصدر أولوية الاهتمامات في المشاريع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلدان الإسلامية نظرا لعواقبها الخطيرة على وحدة وتماسك المجتمع وتنميته في ضوء تحديات العولمة. تواجه تلك البلدان مشاكل الحكم الراشد وهشاشة القاعدة الاقتصادية وضعف المنظومة التربوية وانقسامية النخب وتفاقم الفوارق الاجتماعية واستفحال الأمراض الاجتماعية وتنامي وتيرة الاحتجاجات و صعوبة ترسيخ الهوية وبث ثقافة أصيلة متفتحة.
يكمن الاختلاف الأساسي بين بن نبي ومنظري المشاريع التنموية أنه انطلق من الخصائص النفسية والاجتماعية للمجتمعات الإسلامية بناءً على ملاحظاته الميدانية التي أخضعها لنظريته حول الحضارة والثقافة ثمّ رسم “خطة طريق “نظرية لتجاوز السلبيات القائمة ووضع شروط النهضة، في حين أن النخب السياسية والاقتصادية والتكنوقراطيين شهدوا نفس الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المزرية (الفقر، التخلف، الجهل، نقص الهياكل…) التي عاينها بن نبي إلاّ أنهم وقفوا عند مظاهرها الخارجية دون الغوص في ديناميكية عناصرها المتناقضة؛ وفي سياق نشوة استرجاع السيادة الوطنية (بالنسبة للجزائر بالخصوص) والصراع الإيديولوجي للنخب وتحت ضغط المطالب الاجتماعية لتحقيق العدالة استوردوا نماذج تنموية اشتراكية أو ليبرالية جاهزة أثبتت نجاعتها في البلدان المتطورة فأدخلوا عليها لاحقا تعديلات لمواكبة متطلبات الواقع المتجدد وزحف العولمة فاستبدلت بنماذج تسيير هجينة مع الحفاظ على بعض السياسات الاجتماعية. لم تحقق تلك المشاريع بعد نصف قرن النتائج التنموية المرتقبة فضلا عن النهضة الشاملة.
برز اهتمام بن نبي بالمسألة الاجتماعية من خلال مشاهدة حياة السكان القاطنين في الجزائر قبل الاستقلال (الأهالي،المعمرين،اليهود) بمختلف أصنافهم الاجتماعية والثقافية ثم من خلال قراءاته في الفكر الإسلامي و العالمي فصاغها في قالب نظري. عدّل مفهوم Gibb “التشرذم الفكري و تأثر ب Young ثم صاغ مفهوم “الذّهانات النفسية” و وسّع أبعادها عبر أمثلة مستمدة من التاريخ الإسلامي القديم و المعاصر .نبّه بعد الاستقلال إلى خطورة الاجتماعية على المسار التنموي ودعا إلى إنشاء علم اجتماع “الباثولوجي” و إلى إرساء قيم الواجب والجدية و الفاعلية.
بيّن أنّ من مظاهر التخلف أثناء مرحلة الانحطاط ,تمزق شبكة العلاقات الاجتماعية وتراجع إنسان الحضارة وطغيان النزعة الفردية وظهور “الذهانات” النفسية واستفحال الأمراض الاجتماعية المؤدية إلى اختلال التوازن الاجتماعي.
يعرض في كتابه “ميلاد مجتمع: شبكة العلاقات الاجتماعية” 1962 دور العواملالنفسية و الاجتماعية في إنشاء المجتمع, يشير إلى أن كل خرق للميثاق الأخلاقي للمجتمع يحدث شرخا في شبكة العلاقات الاجتماعية.
أمام تعقيد تلك المسألة واستفحال الأمراض الاجتماعية، كيف يمكن الاستفادة من فكر بن نبي اليوم ؟
ثالثا- مصير الفكرة الدينية
تعدّ الفكرة الدينية مفهوما محوريا لدى بن نبي تجلى في كل المواضيع. ففي كتابه الأول “الظاهرة القرآنية” كان حريصاعلى إثبات المصدر الإلهي للقرآن ,أما في باقي أعماله فقد نظر إلى الفكرة الدينية كقوة تحرك الأفراد والمجتمعات. اعتمد على مفكرين عالميين مثل “ابن خلدون” و” دوركايم” للإشارة إلى أهميتها ودورها في تحقيق التماسك الاجتماعي. ثمّ تناولها في سياق الدورة الحضارية فاقتبس من فلاسفة الحضارة مثل: ” توينبي” وفكرة “التحدي” التي تمثل الباعث على نشأة الحضارة(كلمة “اقرأ”) وعلى نسج شبكة العلاقات الاجتماعية وبيّن أهمية الأخلاق الدينية في الثقافة.تفتقد الفكرة الدينية حيويتها في الأطوار اللاّحقة للحضارة و يتراجع دورها الاجتماعي في مرحلة الانحطاط الحضاريحيث تقوى الغريزة وتستفحل الأمراض الاجتماعية في الجسم الاجتماعي وتتمزق شبكة العلاقات الاجتماعية؛ يضمحل عطاء العلوم الدينية ويقتصر دور الدين على أداء الشعائر والممارسات الصوفية.تحنّط الفكرة الدينية وتصبح وسيلة للهروب من الواقع أو لنشر الخرافات.
إن المساهمة الجوهرية التي قدمها بن نبي بخصوص الفكرة الدينية مزدوجة إذ أنه في سياق سعيه البطولي لإيجاد سبل نهضة الأمة لم يكتف بمحاولة إثبات صدق الحقيقة القرآنية بمنهجه المميّز بل تتبّع(مثل ابن خلدون) مسارها عند إدراجها في تاريخ الإنسانية عبر مراحل تطورها الحضاري وتأثيرها المتبادل مع الخصائص النفسية ,الفكرية للإنسان والأطر الاجتماعية. فقد شرح لنا أهمية الفكرة الدينية وخطورة توظيفها دون معرفة دورها الحقيقي فضلا عن بيانه أنّ القرآن الكريم كشف لنا هذه السنن وأظهر سبل توظيفها من جديد لإسعاد المسلمين والبشرية جمعاء وهكذا انطلق بن نبي ببصيرةٍ لإثبات صدق الظاهرة القرآنية فأكرمه الله لإخلاصه بإظهار وجه ثاني من المعجزة القرآنية.
في الوقت الذي أصبح فيه الدّين رهان على مختلف الأصعدة داخليا وخارجيا وتوظّف قدسيته و قدرته على منح الشرعية من طرف تيارات متصارعة لأغراض أخرى، كيف نحدد اليوم العلاقة بين الدين والفكر والمجتمع والسياسة في ضوء قراءتنا لمالك بن نبي؟
أما بالنسبة للأفكار، فإن بن نبي يصنفها حسب درجة فعاليتها.فهي بمثابة قوة توجيه إذ لا يقاس غنى المجتمعات بقيمة الأشياء التي تمتلكها و لكن بقيمة الأفكار التي ينعتها بـ”الثروة الاجتماعية”.
III. الآفاق المستقبلية تحديات العولمة:
إذا أردنا تطوير فكر مالك بن نبي ينبغي:
1- تحديد مساهمات المفكرين في منظومته الفكرية حسب أهميتها: اقتبس مثلا بن نبي منToyenbee مفهومًا أساسيًا: “التحدي” كمحفز لنشأة الحضارات ، فما هي أهمية المدلول اليوم وأية تجربة حضارية نسعى إلى تطبيقها ؟
أخذ بن نبي من ” نيتشه” رفعة الهمّة و الروح الثائرة لشحذ الطاقات الجامدة في العالم الإسلامي. فما وجه الاستفادة منه اليوم؟
قدّم بن نبي تصوراً شاملا ومثيرًا حول الثقافة إلاّ أنّ مفهوم ومحتوى الثقافة قد تغيّر اليوم نسبيا، إذ طغت الصناعات الثقافية ترفيهية ذات بعد تجاري ينقصها المضمون التربوي، فماهي التوجهات الثقافية والتربوية المطلوبة الآن؟
2- تحديد الشروط المعرفية والمعالم المنهجية لوضع فكر بن نبي في تناغم مع “الأفكار الحية” في الفكر العالمي ونحذر من “الأفكار القاتلة”.راجت بعد موت بن نبي مثلا نظريات فلسفية وطروحات فكرية “لما بعد الحداثة” تتمحور حول فكرة ” موت الإنسان “(بعد موت الإله) والعدمية والتيه؛ إن كان ذلك يمثل تطورا بالنسبة لمسار الفكر الغربي, فلا يمكن أبدا أن يصبح محورا للنهضة الفكرية في العالم الإسلامي ، ونشير هنا إلى راهنية فكر مالك بن نبي الذي لاحظ تلك الإرهاصات في الفكر الغربي ودعا إلى حضارة عالمية يكون دور الإسلام فيها منح المعنى للوجود والوقود الروحي لإنقاذ المجتمعات المسلمة والإنسانية جمعاء . ومن أجل ذلك أوضح أنّ رسالة الاستخلاف تتمثل في تعريف الإسلام للآخر، ويقتضي ذلك أولاً معرفة ذاتنا من خلال تجديد نظرتنا للتراث وكذا تجديد نظرتنا وعلاقتنا بالآخر.
3- زال تأثير الإيديولوجيات الكبرى ومشاريعها السياسية والاجتماعية وعوضت بتوجيهات ليبيرالية تدعو إلى تقبّل الهيمنة في إطار التقسيم الدولي للعمل في سياق العولمة، وبرزت تيارات بديلة في الغرب تتمحور حول تحقيق تنمية ذات بعد إنساني وللمحافظة على البيئة. ماهي المعابر الممكنة مع بن نبي الذي انتقد استيراد النماذج الجاهزة والتكديس في البلاد الإسلامية على حساب الفكرة والتنمية المتحورة ذاتيا؟
الخاتمة
يتردد صدى أقوال بن نبي كلما نشاهد: – إهدار طاقات بشرية ومالية ضخمة لإنجاز مشاريع وهمية .
– عند وأد الفكرة الدينية الصحيحة على يد من يدّعي الدفاع عن الدّين.
– عندما تتغذى نخبنا بأفكار ميتة أو قاتلة وتهمّش الأفكار الحيّة.
– عندما ننبهر بنموذج استهلاكي فاخر ذهببعقولنا وعرقل نهضتنا.
ذلك لأننا تجاهلنا حقيقة ” الظاهرة القرآنية “وضيّعنا ” وجهة العالم الإسلامي” ولم نحصّن ” ثقافتنا ” وانحلّت شبكة “العلاقات الاجتماعية”، انخدعنا بأشكال “الصراع الفكري” الحديث ولم نولج في “عالم الاقتصاد” الحقيقي وتحايلنا على “فكرة الكومنولث الإسلامي” ، وأخطئنا في تحديد “أولويات المرحلة” الراهنة، وتأخرنا في تجسيد” شروط النهضة”.أما آن الآن أن نتدارك كل ذلك؟
المــــــــــراجع:
1- مالك بن نبي. شروط النهضة، الجزائر: دار الفكر، الطبعة الرابعة، 1987، ص 8
Boukrouh(Nour-Eddine). L’Islam sans l’islamisme –Vie et pensée de Malek Bennabi- Alger Editions Samar, 20062-
3- جودت سعيد. حتى يغيّروا ما بأنفسهم، تقديم : مالك بن نبي، الجزائر: غرداية، الطبعة الأولى في الجزائر،1990
4-El Messawi (Mohamed Al Tahir), « La théorie de Malek Bennabi sur le Coran : une réponse intellectuelle substantielle à la modernité occidentale » in Actes du colloque international sur la pensée et l’action de Malek Bennabi, Alger : Publications du Haut Conseil Islamique, 2005,p 57.
– 5Boukrouh(Nour-Eddine).L’Islam sans l’islamisme –Vie et pensée de Malek Bennabi- Alger :Editions Samar, 2006
6- مالك بن نبي. شروط النهضة،مرجع سابق، ص 88
7- Boukrouh(Nour-Eddine).Op-cit, P274
8- بن نبي مالك .شروط النهضة ،مرجع سابق، ص 93
9- مالك، بن نبي. شروط النهضة، مرجع سابق، ص 94
10- مالك، بن نبي. شروط النهضة، مرجع سابق، ص 139
11-مالك، بن نبي. شروط النهضة، مرجع سابق، ص 102
12-مالك، بن نبي. شروط النهضة، مرجع سابق، ص 97
13-مالك، بن نبي. شروط النهضة، مرجع سابق، ص116، 117
14-مالك، بن نبي. شروط النهضة، مرجع سابق، ص 123
الملتقى الدولي: مالك بن نبي و استشراف المستقبل
من شروط النهضة إلى شروط الميلاد الجديد
في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية
17 ـ 18 ـ 19 محرم 1433 هـ/تلمسان 12 ـ 13 ـ 14 ديسمبر 2011 م