ملتقى “مالك بن نبي يعود من جديد” ببومرداس في طبعته الأولى
عبد العزيز ابن عمر، مونية الديغوسي
من تنظيم النادي العلمي آفاق: (جامعة امحمد بوقرة ببومرداس) ومركز الأصالة للدراسات، والفوج الكشفي “مالك بن نبي”، وتحت شعار: “مالك بن نبي يعود من جديد”، انعقد بالمكتبة المركزية ببومرداس الأربعاء 11 ديسمبر الجاري ملتقى مالك بن نبي في طبعته الأولى.
الملتقى جاء تعريفا بمفكر جزائري كان صاحب رسالة حضارية؛ لكن تسارع الأحداث غيّب فكره عنا، في الوقت الذي استفاد غيرنا بمشروعه الفكري بأبعاده الحضارية..
بهذه العبارات افتتح الأستاذ محمد العاطف من جامعة الشلف أول جلسة من هذا اللقاء، كما تركّزت مداخلة الأستاذ التي كان عنوانها: “مالك بن نبي فيلسوف الحضارة، حياته ومؤلفاته” على التعريف بداية بأهم محطات سيرة المفكر مالك بن نبي رحمه الله، حيث تم تقسيم مراحل حياته إلى خمسة أقسام هي: من النشأة إلى سنة 1930: وأهم ما ميّزها –يذكر المتدخل- أن المفكر نهل منذ الطفولة من ثقافة مزدوجة: عربية إسلامية، وفرنسية غربية، إذ دخل الكتّاب بالمدرسة القرآنية، كما تعلّم بالمدرسة الفرنسية الرسمية، وواصل مشواره التعليمي على هذا النحو. ثم مرحلة النضج: والممتدة من سنة 1930 إلى 1940 ومن أهم الأحداث فيها سفره إلى فرنسا والتقاؤه بأستاذه حمودة بن الساعي بعد أن تعرَّف عليه بالجزائر، والجدير بالذكر أن بن نبي يعترف بأنه يدين له باتجاهه ككاتب متخصص في شؤون العالم الإسلامي، أيضا زوجته الفرنسية التي أسلمت وسمّت نفسها خديجة وما لها من دور في حياة المفكر ومساره الفكري، ثم إلقاء الأستاذ بن نبي لمحاضرة بعنوان: “لماذا نحن مسلمون؟” بنادي الطلبة المغاربة سنة 1931، فتخرُّجه كمهندس كهربائي سنة 1935، وتعيينه على رأس “نادي المؤتمر الجزائري الإسلامي” في 1938.
تلي ذلك مرحلة الحصاد والإبداع والإنتاج الفكري: من سنة 1940 إلى 1956، حيث بدأت مؤلفاته تصدر؛ “الظاهرة القرآنية” سنة: 1946، رواية “لبيك” سنة: 1947، وألقى سنة 1948 بالجزائر محاضرتين بمعهد عبد الحميد بن باديس؛ الأولى عن كتابه شروط النهضة الصادر في نفس السنة والثانية حول “شروط الإنسان الحضاري”، ليصدر “وجهة العالم الإسلامي” سنة: 1954. بعدها ينتقل المتدخّل للحديث عن مرحلة المنفى والثورة: من 1956 إلى 1963، حيث سافر المفكر سنة 1956 إلى القاهرة أين تمكّن من ناصية اللغة العربية وأصبح يكتب ويحاضر بها، وكان يزوره الطلبة في بيته للتعلم والاستفادة من أفكاره الإصلاحية، ومن القاهرة إلى السعودية فلبنان، فسوريا.. حيث ألقى العديد من المحاضرات. أخيرا مرحلة العودة إلى أرض الوطن: وهي من سنة 1963 إلى 1973، إذ عاد للجزائر في 1963 وعُيّن كمدير للتعليم العالي إلى غاية 1967، ثم تفرّغ للعمل الفكري، وساهم بشكل فعّال سنة 1968 في تأسيس ملتقيات الفكر الإسلامي التي كان لها أبلغ الأثر في نشر الوعي في الوسط الاجتماعي، كما أسّس تلامذته بطلب منه مسجد الطلبة بجامعة الجزائر، فضلا عن إصدار مجلة: “ماذا تعرف عن الإسلام؟” مما ساهم في صناعة الوعي في الوسط الطلابي آنذاك، ليلتحق المفكر الكبير مالك بن نبي رحمه الله بالرفيق الأعلى في 31 أكتوبر 1973.
الأستاذ العاطف أيضا أشار إلى أهم العوامل المساهمة في صقل شخصية بن نبي ونذكر منها: دور الأسرة –الوالدين والجدة- التي استلهم منها القيم والفضائل الأخلاقية، وكذا شعوره بالمسؤولية تجاه الظروف المادية لأسرته، البيئة التي نشأ فيها والتي ساعدته على نقل الفكرة الإصلاحية إلى فرنسا، دور الصحافة والمطالعة في تكوين شخصيته، الحركة الإصلاحية المشرقية حيث اطّلع على أهم أعلام الفكر الإسلامي من أمثال: الشيخ محمد عبده، الكواكبي،..، فضلا عن المناقشات التي خاضها المفكر مع أستاذه بن الساعي وزوجته وأصدقائه والتي تعالج قضايا وهموم الأمة؛ وهو ما أسهم في فهمه لما يدور حوله من أحداث وأيضا في أن تكون له نظرة استشرافية، إضافة إلى ذلك دور الحضارة الأوروبية أين يخضع كل شيء للقياس الدقيق للكم والكيف، كذلك ما نهله الأستاذ بن نبي من معلميه الفرنسيين، وكذا تأثره بزوجته وذوقها الجمالي والحسي…
أخيرا قدّم المحاضر قراءة في أهم مؤلفات المفكّر بن نبي بداية من “الظاهرة القرآنية”، “لبّيك”، فـ “شروط النهضة”، “وجهة العالم الإسلامي”، “الفكرة الإفريقية الآسيوية”، “النجدة: الشعب الجزائري يباد”، “مشكلة الثقافة”، “الصراع الفكري في البلاد المستعمرة”، “فكرة كومنولث إسلامي”، “تأملات”، “في مهب المعركة”، “ميلاد مجتمع”، “آفاق جزائرية”، “مذكرات شاهد القرن1″، “أثر المستشرقين في الفكر الإسلامي الحديث”، “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي”، “المسلم في عالم الاقتصاد”، “بين الرشاد والتيه”، “دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين”، “مجالس دمشق”.
المداخلة الثانية في هذا الملتقى كانت من تقديم الأستاذة يمينة شيكو: (المدرسة العليا في الآداب والعلوم الإنسانية – بوزريعة) حول “أهمية كتاب شروط النهضة” مثيرة تساؤلا مفاده: لماذا كُتب الكتاب والجزائر في حالة استعمار، بينما كان من الممكن أن يكتب المفكر: كيف نُخرج الاستعمار من البلاد؟ وكان الجواب هو أن تلك الظروف الاستعمارية بالتحديد وظروف أخرى هي التي دفعته لكتابة شروط النهضة، كما سلّطت الأستاذة الضوء على أهم العناصر التي عالجها بن نبي في هذا الكتاب حيث خصص الباب الأول للحاضر والتاريخ، والباب الثاني للمستقبل، لبيان أنه لا يمكننا فهم المستقبل والتّطلع إليه إلا بفهم الواقع انطلاقا من الماضي، ومن بين ما تطرقت إليه كذلك معنى “المعامل الاستعماري” وتأثيره في نفسية المجتمع الجزائري، وكذا معامل “القابلية للاستعمار” ودوره في إضعاف نفسية المسلم الجزائري، حتى يُحَطّ من قيمته وتُحبط أي إرادة أو فكرة يحاول القيام بها، بالإضافة لذلك أشارت بأن مالك بن نبي وقبل أن يتكلم عن شروط النهضة حاول أن يبيّن ويبصِّر شعوب الأمة الجزائرية بما فيها الجزائر بالمرحلة التي تعيشها وما قدّمته من أجل النهضة، وما هي الجهود المحمودة في تلك الفترة وما هي النقائص والسلبيات، فمالك بن نبي انطلق بشكل خاص من السلبيات ولعلّ أولها هو الاتجاه إلى التكديس؛ أي إلى اقتناء أشياء الحضارة الغربية، فهو يحثّ المجتمعات العربية الإسلامية على الخروج من التكديس والتفكير في بناء حضارة؛ هذا البناء في نظره لن يتم إلا عبر ثلاثة عناصر هي: الإنسان، التراب، الوقت، ذلك أننا إذا أردنا النهوض علينا حل هذه المشكلات الثلاث.
وفي السياق ذاته بيّنت الأستاذة أن المفكر بن نبي قدّم لنا تجارب شعوب أخرى مثل تجربة اليابان والصين في علاقتهما مع الحضارة الغربية؛ حيث كان الاتصال بها إيجابيا وعرفت تلك الشعوب ما الذي عليها أن تقتبسه من هذه الحضارة وعرفت أسباب التقدم وعملت بها، بينما لم تعرفها الشعوب الإسلامية وبالتالي بقيت متعثّرة في نهضتها، وفي مسألة استغلال الوقت –تُبيّن- أن المفكر أشار إلى تجربة ألمانيا التي من خلال معرفتها لقيمة الوقت استطاعت أن تنهض من جديد إثر تحطيمها بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك اليهود كادوا يستسلمون لذلك المعامل الاستعماري لكن حسب ما يرى المفكر بما أن نفسيتهم لم تكن ضعيفة استطاعوا وبتكاثف جهودهم تجاوزه.
وبخصوص الموضوع تشير قائلة: قدّمتُ ما بدا لي أنه يخدم شبابنا في هذه الفترة من الزمن، وما أوصي به هو ضرورة تفعيل فكر مالك بن نبي من خلال مثل هذه اللقاءات والإعلان عنها بين الطلبة، وحتى يتحول هذا الفكر الأصيل إلى فعل لابد من توجيه الطاقات؛ نحن عندنا شباب لديه رغبة في المعرفة، في العمل.. لكن تلك الجهود قد تذهب هباء لأنها لا تجد من يأخذ بيدها ويوجّهها، وهذه النقطة التي ركّز عليها المفكر في كتاباته كشرط من شروط النهضة؛ لابد من توجيه طاقات الشباب المتعثّرة والتي لا تدري أين تذهب، فمثل هذه الملتقيات قد تجعل الشباب يغيّر من مواقفه وبعض السلوكيات السلبية ويتطلع إلى ما هو إيجابي انطلاقا من ثقافتنا الإسلامية. دون أن ننسى العامل الأهم -وهو نفسي- والذي نجده في الآية الكريمة: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم).
هذا وقد تخللت الجلسة الصباحية تدخلات لبعض الأساتذة والطلبة منها وعلى سبيل المثال نذكر:
الأستاذ عبد الله لعريبي الذي تطرّق من خلال كلمته إلى الحوار الذي جرى بين الأستاذ بن نبي في أواخر حياته في دمشق أثناء حديثه عن دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين وبين تلك الفتاة التي عقّبت على كلامه، حيث انفعلت الشابة وقالت: من أين نبدأ؟ فكان جواب بن نبي رحمه الله: من حيث بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم، وأضاف المفكر قائلا: ابحثي عن فكرة تُقنعك وترين فيها الحق والصواب، ثم انذري نفسك لتبليغها والدعوة إليها. –ويضيف المتدخل-: ثم تلا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمه وهو يراوده عن دعوته: “والله ياعمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الدين، ما تركته حتى يُظهره الله أو أهلك دونه”.
ويعقّب الأستاذ لعريبي بالقول أن هذه المحاورة مشحونة بالدروس والدلالات وتدل على المسلم الرسالي؛ فهو الذي يحمل همّاً، ويؤدي مهمَّة، وبِهمَّة عالية. فنحن نحمل همّا، ومهمة هي العلم والعمل، ويجب أن نؤديها بهمة عالية.
وكاستنتاج حول كتاب شروط النهضة ما أشار به الأستاذ يوسف حجولي رئيس سابق للنادي العلمي آفاق، حيث قدّم بعض الملاحظات نذكر منها: أنه حتى نبني حضارة لابد أن نغيّر ما بأنفسنا؛ مصداقا لقوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم)، كذلك أن شبابنا اليوم منبهر بالحضارة الغربية، لكنه لا يعرف أن هذا الغرب ربما قد بنى حضارة لكنه فقد روحها وهي الأخلاق؛ فمهما بلغ الإنسان من علم ورقيّ لكنه من دون الأخلاق ما حقق شيئا، ثم أهمية العمل التطوعي في بناء الأمم وضرورة وجود جهود متكاملة (الجمعيات، النوادي…) التي لها دور في التأثير على الرأي العام.
في الجلسة المسائية كانت المداخلة الأولى حول: “الفكر الاقتصادي عند مالك بن نبي” من إلقاء الأستاذ شعيب شنوفي حيث ابتدأ بالتساؤل: لماذا مالك بن نبي، لمعالجة موضوع الاقتصاد؟ وهل هو مفكر اقتصادي؟ وما هي أهم أفكاره في ذلك؟ وما مصادره، ومؤلفاته في ذلك؟…، ثم بيّن أن ما مر به مالك، وما عاصره من أحداث ساهم في بناء شخصيته وساعده في الاطلاع على جميع جوانب الواقع الإسلامي آنذاك، ومنها الجانب الاقتصادي، إذ إن الطبقة المثقفة وقعت في مأزق الثنائية ( شيوعية، رأسمالية) وهذا منبع من منابع المشكلة الاقتصادية، كما يرى مالك بن نبي، ثم إن الاقتصاد ليس أرقاما ومخططات، إنما هو تراكيب ذهنية ومعادلات اجتماعية واقتصادية وجب التوفيق بينها.
وركز الأستاذ شنوفي على أن القيم الاقتصادية والأخلاقية تُصنع لا تستورد، فالاستيراد والشراء هما مظهران من مظاهر التكديس لا البناء، وتطرّق إلى التقسيم الذي اعتمده ابن نبي في تقسيمه العالم إلى محورين باعتبار جغرافية اقتصادية (طنجة- جاكرتا) تمتاز بالمواد الأولية الغير المستغلة، ومحور (موسكو – واشنطن) الذي يعتبر محور الصناعة، فهذا التقسيم يُظهر لنا عمق الإشكال الاقتصادي في الدول العربية والمسلمة والمنتمية إلى محور طنجة جاكرتا، والشيء الوحيد الذي يحول بينها وخطر الانهيار والتبعية المطلقة هو صناعة القيم وذهنية الابتكار والإبداع عند الفرد المسلم العربي.
وآخر محاضرة في إطار هذا الملتقى قدّمها الأستاذ عبد الرحمن تلي بعنوان: “دور المسلم في القرن العشرين”: مستعرضا فيها أبرز ما ذكره مالك وتعرض إليه خلال محاضرته في دمشق تحت عنوان: دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين، فمن أهم ما ذكره أن التاريخ لا يتوقف عند أناس دون آخرين إنما هو في تغيّر وتطور مستمر، لذلك فإن لكلِّ فعل نتيجته طال أم قصر الزمان، وقد أكد مالك أيضا على تهيئة الإنسان المسلم لاستلام شعلة الحضارة في يوم من الأيام.
ثم بيّن المحاضر أن المجتمعات الإسلامية تنشأ ـ حسب ابن نبي ـ نشوءا بريا فوضويا، لأنها لا تجيب عن سؤال “لماذا؟”، أي أنها افتقدت الغائية من حقيقة وجودها، فسقوط الأمم والحضارات، أو حتى قيامها، تحكمهما المرحلية في نشوئها والغائية لبقائها.
أخيرا ركّز المحاضر على أن دور المسلم عبر العصور هو الشهادة، وتقتضي الحضور في موكب الحضارة عبر الأزمان، فغياب المسلم عن ذلك لا يسوغ له أن يكون شاهدا.
انطباعات على هامش الملتقى:
الأستاذ عبد اللطيف سيفاوي (مدير مركز الأصالة للدراسات):
بالنسبة لهذا الملتقى فهي مبادرة من طرف “النادي العلمي آفاق”، والعلاقة نشأت انطلاقا من اكتشافهم لموقع الأصالة، وهنا أركّز على أهمية الشبكة العنكبوتية فالأهم ليس طرح الأفكار فحسبْ، إنما أيضا إيصال هذه الأفكار للناس، ونحن نلمس نوعا ما إشكالا في التواصل مع فئة الشباب اليوم، لكن نجد أن مختلف مواقع التواصل الاجتماعي قد تحلّ جزءا من هذا الإشكال نظرا لاهتمام هذه الفئة بالتقنية، فهذا الملتقى هو نتاج للقاء افتراضي تم بين الطرفين، من جهة أخرى يُظهر الملتقى اهتمام الشباب بفكر الأستاذ ماك بن نبي، ولعل من بين العوامل المساهمة في اكتشاف فكره هو تلك المواقع التي تركّز على إبراز طروحاته ومن بينها: موقع الأصالة للدراسات، موقع فييكوس..، فعندما نوصل أفكاره بطريقة مشوقة من جهة وبطريقة سهلة وواضحة نجد أن هناك تجاوبا مع ما يقدّمه هذا الفكر. كما أشير أنه من الممكن أن ننظم عديد الملتقيات المشابهة طوال السنة لكن قد لا نصل إلى الفئة المستهدفة، لذا نحن نحاول بمختلف علاقاتنا وطَرحنا الوسطي ورغبتنا في خدمة الأمة أن ننشر هذا الفكر؛ نريد أن نصل إلى الجامعة، لذا ومن خلال دخولنا اليوم إلى بومرداس نرجو أن تكون بوابة لولوج مختلف الجامعات الأخرى. فربما وصلنا إلى هذه الشريحة افتراضيا، لكن الآن إذا استطعنا أيضا الوصول إليها عبر الجامعة والأحياء الجامعية.. نكون قد حققنا الكثير بإذن الله.
الأستاذ عبد الله لعريبي (مدير مركز الرؤيا للدراسات الحضارية):
مالك بن نبي احتار أهل الفكر والذكر في تسميته؛ فمن قال: هو طبيب الحضارة، فيلسوف الحضارة، فقيه الحضارة، مهندس الحضارة.. لكن مشكلتنا أننا نحن الجزائريين أقل استفادة من هذا الفكر العميق؛ فيجب على الشباب نساء ورجالا الاهتمام بهذا الفكر الذي يُعدّ منجما من أفكار، أو بحر كلٌّ يغرف منه حسب وعائه، فمن اتسع وعاؤه غرف أكثر، ومن ضاق وعاؤه كان حظّه أقل. وبالمناسبة أنا معجب جدا بالدكتور محمد باباعمي مدير معهد المناهج، وأتوسّم بأن له مستقبلا زاهرا إن شاء الله لأني لمست فيه خصلتين مهمتين: الفكر التحليلي العميق، والحرقة على النهضة بهذا الوطن، فهما خصلتان يحتاج إليهما كل مفكر رسالي، نرجو أن تكون هناك فرص أخرى لنتعاون فيما ينفع الجزائر المشرقة إن شاء الله.
حسام الدين بلعاتي (طالب بكلية المحروقات والكيمياء- جامعة بومرداس، ورئيس النادي العلمي آفاق):
فكرة الملتقى كانت حلما، فكانت هناك مجموعة من الأعضاء لديها حرقة من أجل هذا اللقاء، ذلك أن مفكرا عظيما مثل مالك بن نبي لم يجد من يحمل الهموم التي حملها، هذا ما دفع باقتراح تنظيم الملتقى، ومن بين أهدافه أيضا: تسليط الضوء على فكر الأستاذ بن نبي وتبسيطه للأساتذة وللطلبة، من جهة أخرى الترويج لفكره وأطروحاته، أيضا الرّقي بالمستوى الفكري للطلبة بحيث تتم الاستفادة من هذا الفكر في المسار الأكاديمي للطالب، وقد كان الملتقى بالتنسيق مع مركز الأصالة للدراسات حيث طرحنا عليهم الفكرة ولاقت صدى جيدا والحمد لله، كما تلقينا أيضا دعما من رئاسة جامعة بومرداس، وكانت مختلف الأطراف تشير أن مالك بن نبي هو دين على عاتق هذه الأجيال، إن شاء الله نأمل أن نحمل رسالته. وبخصوص هذا الملتقى فستكون هناك نسخ أخرى بحول الله، أيضا نشير لـ”جائزة مالك بن نبي” التي نعمل على إطلاقها بالتنسيق مع مركز الأصالة وجامعة بومرداس، وهي مسابقة وطنية خاصة بفئة الطلبة وتتعلق بأحسن مقال يُكتب حول المفكر بن نبي، ونشير أن هدف الجائزة هو تشجيع الطالب على الكتابة والبحث، ثم ربطه بالموروث الثقافي والفكري الخاص بهويته، فضلا عن الترويج لفكر بن نبي والتعمق فيه.. وستكون ربما فرصة لهذا الطالب ليفجّر طاقاته ويطرح أفكارا لم تكن لتظهر لولا مناسبات مماثلة، فطالب اليوم من الضروري أن يتحمّل مسؤوليته ويثق في نفسه وبأنه يستطيع الوصول لأعلى المراتب بحول الله، فاليوم نتساءل ونقول: كيف نُخرج كنوز هذا الفكر الثمينة ونفعّله من أجل إحداث تنمية وطنية، ونحن من خلال النادي رسالتنا هي: “نشر وإبراز الثقافة العلمية كبديل واضح في حياة الطالب”، وبالتالي يخرج هذا الطالب بعد مساره التكويني لينفع الأمة.
المصدر :VEECOS.NET