فكرة كمنولث إسلامــــــي في منهجية التغيير عند مالك بن نبي
أولاً_مقدمة في تاريخية الإستعمار والقابلية للإستعمار.
لكي نعطي لفكرة كمنولث إسلامي عمقها في فكر بن نبي نبدأ بتمهيد اولي في تاريخية الإستعمار والقابلية للاستعمار. ففي توقيعاته الخاصة وضع مالك بن نبي في أوراقه بتاريخ 8/3/1958 الأساس التاريخي لفكرة الاستعمار والقابلية للاستعمار فكتب :
” إنَّ الحرب العالمية الثانية قد أبرزت هزيمة العالم حين رأت أوروبا نفسها أمام مسرح عالمي تحرك فيه من جديد تاريخ الشعوب القديمة .”
فأوروبا الحديثة بنت قيمها العلمية على القوى الصناعية وكانت التجارة بالنسبة اليها هي مفتاح القدرة مقارنة بالعلم التطبيقي وقد أنغرس في روحها العلم والقوة وليس على الخريطة فحسب او في صفحات من تاريخها الحديث .
انطلاقا من هذه الروح تبرز أمامنا بوضوح سائر الظواهر السياسية التي تبنى تاريخها العلمي منذ القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين .
فأوروبا رأت السلطة والتفوق في امتلاك العلم ، أما الصناعة فهي ليست سوى دلالة على امتلاكها العلم، وهكذا سيطرت على الصناعة وحدها لقرنين كاملين دون باقي الشعوب وقد أصبحت رسالتها كما يلي :
• إن الصناعة والعلم أو العلم التطبيقي هي المعيار التي تقاس بهما قيم الأشياء بصورة مطلقة في صعيد الإنسانية وذلك حين غدا العالم أمامها فارغاً في كل مكان و في الأمم كلها التي لا حصر لها .
• على ضوء هذا الفراغ أعيد تقويم العالم وفق سلم أوروبا القرن التاسع عشر عبر غوبينو في كتابه ” الأجناس ” . أما هتلر فلم يفعل سوى أن أعاد سلَّم التقويم في النطاق السياسي وإيديولوجية القومية محاولاً بناء قومية خالية من اليهود1.
• إنَّ أوروبا وجدت نفسها متورطة بكاملها باليهود في عمق ضميرها حين غدت اليهودية هي الخالق لإلهها: العلم الذي لا يخطئ والقوى التي لا ترد .
• إنَّ أوروبا بين هذين الموعدين من التاريخ لم تلبث أن بادرها إعصار فراغ العالم غير الأوروبي الخالي من العلم ومن الصناعة فطرحت منهجية كل من العلم والقوة رسالة تحضير بنيت على النظرية الانتقائية الموروثة من دارون وقد ترجمت هذه الروح في الإطار الإنساني عبر فكرة ” الاستعمار”
من هنا تبدأ نظرة بن نبي في فراغ العالم حين انقسم في سائر مظاهره بين الاستعمار في سائر أشكاله والقابلية للاستعمار في سائر تداعياتها .
هذه المقدمة التي نقلناها من أوراق بن نبي تجد مرتكزاتها في كتابه وجهة العالم الإسلامي في قسمه الأول الذي نشره بالفرنسية تحت عنوان vocation de l